في الوقت الذي تُصدر دوائر البيوع في المحكمة الكلية أحكاماً برسو العقارات على المزايدين الداخلين في المزادات العقارية، تنفيذاً للأحكام القضائية الصادرة بحق المدينين أو حتى المتنازلين عن الحصص العقارية، ترفض وزارة العدل، ممثلة بإدارة التسجيل العقاري، إصدار الوثائق العقارية للمُلّاك الجدد، بسبب طلبها من البلدية شهادة أوصاف عقارية تفيد بخلو المبنى محل المزاد من المخالفات أو التوقيع على إقرار بإزالتها.

ورغم عدم سلامة ذلك النهج بالامتناع عن تنفيذ الأحكام القضائية بشأن رسو المزاد، بما قد يثير المسؤولية الجزائية لممثلي الجهات الحكومية، فإنّه قد يطول المسؤولية المدنية من جراء الامتناع عن التنفيذ، وتسببها في الأضرار التي لحقت بطالبي التنفيذ لتلك الأحكام، لاسيما أن مصدرها هي المحاكم، وليست إدارات تابعة لجهات حكومية أو وزارات.

Ad

كما أن الامتناع عن تنفيذ أحكام المزاد يثير قضية الصلاحية لإجراءات الحجز على العقارات المخالفة للوائح البلدية، والتي سيتوقف أمر إصدار شهادات أوصاف بها أو إجراءات إحالة تلك العقارات إلى دائرة البيوع، لأنها بطبيعة الحال لن تحظى بالتنفيذ، رغم صدور أحكام قضائية تعلو على اعتبارات النظام العام.

كما أن الامتناع عن تنفيذ الأحكام القضائية، سواء لأسباب عائدة إلى وزارة العدل، أو لإدارات البلدية الممتنعة عن إصدار شهادات الأوصاف، أمر لا يليق بالجهات التنفيذية في الدولة، خصوصاً أن تلك الأحكام صادرة باسم سمو الأمير، ومذيّلة بالصيغة التنفيذية، المتضمنة أنه «على الجهات الرسمية في الدولة تنفيذ هذه الأحكام».

وتجاهل تنفيذ الأحكام يكرس، في الوقت نفسه، فكرة عدم الرضا عن مضمون أحكام القضاء، ويثير أيضاً دور جهات التحقيق في إلزام المسؤولين الممتنعين عن تنفيذ الأحكام، لاسيما أن قانون الجزاء يعاقب المسؤول الممتنع عن تنفيذ الأحكام، وإلّا أصبحت في نهاية المطاف تلك الأحكام حبراً على ورق في نظر هذا المسؤول الممتنع إن شاء أشّر عليه بالتنفيذ، وإن شاء تجاهل مضمونه ومحتواه، وهو أمر لا يليق بنهج دولة السُّلطات والقانون.