يجب أن تكون التربية محايدة بعيدة عن نفوذ الأحزاب وصراعاتها، خصوصا الأحزاب ذات التوجه الأيديولوجي وتعصبها الفكري الضيق، فالذي يرى أتباعها أنهم على حق وغيرهم في ضلال، ولا يدين أتباع ذلك الفكر بالولاء للوطن، فالوطن عندهم مجرد قطعة من الأرض، أو حفنة من تراب لا أهمية لها، بل ولاؤهم للحزب وقادته الذين أقسموا الأيمان المغلظة عند انتمائهم لهذا الفكر، بأنهم سيخدمون هذا الفكر في السراء والضراء، وسيخضعون لأوامر قياداته وينفذونها بدون جدل أو نقاش، وسيتبعون شتى الوسائل التي تمكنهم من تحقيق أهداف الحزب، فالغاية من وجهة نظرهم تبرر الوسيلة، وإذا كانت الغاية أو الهدف الذي ارتأته قادة الجماعة سليماً فعندئذ يجب اتباع الوسائل التي تحقق تلك الأهداف، بأي وسيلة، سواء كانت مشروعة أو غير مشروعة، فالغاية تبرر الوسيلة لدى أصحاب هذا الفكر.

من الخطورة تسليم التربية لشخصيات تربت على هذا الفكر الانتهازي، وأصبحوا من قادته، فالتربية عمل وطني من أهم أهدافها تربية الإنسان وتنشئته على حب الوطن الذي يعيش فيه والولاء والإخلاص له قبل أي شيء آخر، ولتحقيق هذا الهدف يجب دراسة تاريخ الكويت منذ نشأتها، والتعرف على المعاناة والصعوبات التي واجهها الأجداد المؤسسون حتى وصلت إلينا، فعلينا أن نربي أبناءنا على حب تلك الفترة واحترامها.

Ad

ولكن إذا تسلم قيادة التربية شخصيات تؤمن بهذا الفكر فسرعان ما يحولون العملية التربوية إلى وكر لخدمة أهدافهم، ومن الوسائل التي قد يتبعونها لتحقيق ذلك قد يحتكرون لجان البعثات والترقيات ولجان التعيين في التعليم العالي، وعندئذ لا يعين ولا يُبتعث ولا يترقى إلا من ينتمي إلى هذا الفكر، وفي التعليم العام سيسيطرون على المناهج والتخطيط التربوي والإدارة المدرسية، وقد يتحول التعليم من عمل وطني يخدم أهداف الدولة إلى دعاية حزبية، وسينحدر مستوى التعليم.

وقد شعرت دول عربية وخليجية بخطورة هذه الجماعة على الدولة فأبعدتهم، فمثلا في مصر من قبل ثورة عبدالناصر شعرت بعض الأحزاب المصرية بخطورة هذه الجماعة وحبها للسيطرة والهيمنة لما رفع رجال الأحزاب المصرية في تلك الفترة شعاراً، مفاده «الدين لله والوطن للجميع»، بمعنى أن الله وحده هو من يفصل بين عباده فيما يختلفون فيما يعبدون.

أما الوطن فيجب ألا يفرق بين المواطنين في الحقوق والواجبات بسبب انتماءاتهم الدينية، فردت تلك الجماعة بقولها، «الدين لله والوطن لله»، ونحن وكلاء الله في أرضه، فيجب أن نتسلم سدة الحكم لننفذ أوامر الله، وعندئذ أدركت الأحزاب المصرية خطورة هذه الجماعة فأوقفت نشاطها وصادرت ممتلكاتها بحكم من القضاء، وذلك بعد أن قامت بعمليات خطيرة كاغتيال الخصوم الذين تعتقد بخطورتهم على الجماعة، كرئيس وزراء أو وزير داخلية وقضاة، أو تفجير دور سينما وميادين.

وأخرجهم عبدالناصر من السجون وحاول التعاون معهم، وسرعان ما حاولوا اغتياله، وأخرجهم السادات من السجون وحاول التعاون معهم فحاولوا اغتياله بما عرف بمؤامرة الكلية الحربية، وكذلك الحال مع مبارك، كما أبعدتهم معظم دول الخليج والسعودية لما شعرت بخطورتهم، ما عدا حكومة الكويت التي تقدم لهم الدعم الكبير، لاعتقاد البعض أنه جاء إلى المنصب بدعم منهم.