في الوقت الذي تتنوع فنون الاحتيال المالي لاستهداف واستحلال أموال وحسابات الجميع، سواء عبر القرصنة أو الدعوات الإعلانية، يستوجب أن يقابل ذلك تنسيق عالي المستوى من كل الجهات الرقابية والرسمية في الدولة، خصوصاً أنه من الملاحظ أخيراً أن بعض الجهات تستحدث أساليب ممنهجة تضفي عليها شكل الرسمية، أو إيهام الجمهور بأنها وفق القانون، باستغلال موافقات البلدية أو الإعلام، وهي جهات غير مالية، وموافقتها ليست مبرراً لسلامة الإعلان والاستثمار.

على سبيل المثال والواقع حالياً، تذهب بعض الجهات لاستصدار ترخيص نشر إعلان من البلدية أو وزارة الإعلام، من دون أن يتم التدقيق على المحتوى بنسبة 100 في المئة، بدليل أن إعلانات مالية ودعوات للاستثمار تتكرر، بهدف تجميع أموال بأساليب مختلفة.

Ad

ويتم منح الموافقات من البلدية والإعلام دون طلب موافقة الجهة المعنية بالقطاع المالي، وهي هيئة أسواق المال، أو إن كان الإعلان مصرفياً، فيتوجب طلب موافقة من البنك المركزي.

في شوارع الكويت تنتشر إعلانات ودعوات للتداول والوساطة والاستثمار، بحجة أن هناك ترخيصاً دولياً أو عالمياً. في المقابل، تقول مصادر قانونية رسمية بهيئة الأسواق إنه مهما كانت هناك من تراخيص عالمية، فلابد أن تكون هناك موافقة عليها من هيئة الأسواق.

وقالت مصادر في هيئة الأسواق إن أي شركة تقدم خدمة مالية، وساطة أو استثمار صندوق استثماري، أو أي تسويق لأي وحدات مرخصة خارج الكويت، يجب أن توافق عليها الهيئة، وتسمح بترخيصها محلياً قبل تسويقها.

وشددت على أن السوق ليس فوضى، بحيث كل جهة تحصل على ترخيص خارجي تقوم بتسويق منتجاتها داخل الكويت دون موافقة الجهات المعنية للقطاع المالي.

وأكدت المصادر أن هناك مسؤولية كبيرة تقع على البلدية ووزارة الإعلام، بضرورة التنسيق مع الجهات المعنية الخاصة بالاقتصاد والقطاعات المالية، حيث يتوجب عليها مراجعة هيئة الأسواق والبنك المركزي ووزارة التجارة أولاً قبل منح أي موافقة، والتأكد من الموافقة الورقية، ومن ثم مطلوب إعادة النظر في تراخيص «البلدية» و«الإعلام» لسد أي ثغرات.

والأكثر من ذلك، أنه يجب ألا تكتفي البلدية و«الإعلام» بالموافقات الورقية التي تقدم، بل عليها التأكد من هذه الموافقات عبر التراسل الإلكتروني مع تلك الجهات، خصوصاً أن التزوير لم يترك شيئاً إلا وطاله، وبالتالي يمكن تزوير موافقة الجهة، لذلك التأكد مطلوب مباشرة من هيئة الأسواق أو «المركزي» و«التجارة».

وتتساءل مصادر معنية: لماذا تنتشر الفوضى في السوق المحلي بشكل لافت ومتكرر، رغم وجود هيئات رقابية كثيرة ومتعددة؟

وتابعت أن التنسيق مطلوب أكثر من أي وقت مضى، بحيث يتم الرجوع عند إصدار أي موافقة للجهة الرقابية الأصيلة على القطاع، وعلى تلك الجهات إزالة أي إعلانات حالية، ووضع ضوابط جديدة للممارسات المالية تحديداً.

في السياق ذاته، قالت المصادر إن هيئة الأسواق لن تتوانى عن اتخاذ الإجراءات القانونية العاجلة ضد أي محتال أو متجاوز يعمل أو يمارس أي نشاط استثماري من دون ترخيص.

وحذرت الجميع من الانسياق وراء أي دعوات للاستثمار، ما لم يكن هناك ترخيص من هيئة الأسواق، موضحة أن الهيئة في حال منحت أي جهة ترخيصاً تقوم بنشر الموافقة على موقعها الرسمي، منعاً للاحتيال واستخدام اسمها أو شعارها في خداع المواطنين، ومؤكدة أن كل إعلان مالي دون موافقتها - هيئة الأسواق - أو «المركزي» يُعد احتيالاً وتضليلاً.

وأضافت أن الجهات الموثوقة والمعتمدة في السوق الكويتي يجب أن تكون هي الوجهة والخيار الأول، وعدم الانسياق وراء أي دعوات للربح السريع أو الوفير، خصوصاً أن الأمر يتجاوز الخسائر، بل يمكن أن يتبدد كامل رأس المال.

في السياق ذاته، قالت المصادر إنه إذا كانت هناك مسؤولية على الجهات الرقابية والرسمية، فإن هناك مسؤولية على المستثمر في حُسن انتقاء الجهة، والتأكد من التراخيص الممنوحة لها، ومراجعة هيئة الأسواق إذا لزم الأمر، حيث إن أبوابها مفتوحة للجميع، ولا تتوانى عن توضيح أي استفسار، وتقدم على مدار العام برامج توعية، وتنشر على موقعها كل التراخيص، كما تنشر و«تفضح» المحتالين غير المرخص لهم بالأسماء، وبالتالي مطلوب قليل من المسؤولية قبل اتخاذ قرار الاستثمار بالتدقيق على الجهة التي سيتم الدخول معها.

نماذج وأمثلة عالمية

وأخيراً، أوضحت المصادر أنه لا يمكن لأي بنك عالمي أن يمارس نشاطه المصرفي بالسوق الكويتي من دون موافقة مسبقة من البنك المركزي.

كما لا يمكن لأي طبيب عالمي يملك مئات التراخيص العالمية بممارسة أي نشاط في الكويت دون موافقة وزارة الصحة، وإخضاعه لاختبارات مهنية.

الأمر نفسه بالنسبة للمستثمرين العالميين، حيث حصلت غوغل على موافقة من هيئة تشجيع الاستثمار، للسماح لها بالعمل في السوق الكويتي، وهي شركة عالمية، وتم نشر الموافقة في جريدة الكويت اليوم، ما يؤكد أن السوق الكويتي لا تسري فيه أي رخصة عالمية إلا بموافقات رسمية محلية.