تعرضت دولتنا إلى تشويه سمعتها، وبكل أسف أن يأتي ذلك العمل المشين من بعض أبنائها، حيث دأب نفر من أبناء الكويت وبضعة خاصة من بعض أعضاء مجلس الأمة على وصف بلادهم بصفات غير لائقة، وصفوها بالفساد وتخلف التعليم وانحدار مستواه ومستوى الأوضاع الصحية، وهم لما يصفون بلادهم بتلك الصفات لا يأتون بدليل ولا برهان، بل يدّعون أنهم يقولون الحقيقة، مع صمت الحكومة أو بتشجيع منها، كما دأب بعض الأعضاء على وضع قوانين سيؤدي تنفيذها إلى ضياع الهوية الوطنية وتبديد ثروة الدولة، دون مراعاة لضمان مستقبل كريم للأجيال القادمة كما حرص الآباء المؤسون على ذلك.

لم نسمع أو نلاحظ مثل هذا الانحدار السيئ لدى مواطني دول الخليج الشقيقة، لم نسمع أحداً منهم يصف دولته بتلك الأوصاف السيئة، بل لا يسمح أحد منهم لشخص آخر أن يتلفظ بمثل تلك الألفاظ عن دولته. وللأسف حذر كثير من مواطني دول الخليج الكويتيين على الجريمة التي يرتكبونها في حق بلادهم، بما يقومون به من تجريح في حق دولتهم، خصوصاً أنها دولة قدمت لهم الكثير، وما يجري في الكويت لا يعد من النقد البناء الهادف للإصلاح، بل يعد من أعمال الشغب الذي قد يؤدي إلى الهدم.

Ad

ولما حاول وزير الإعلام إصدار قانون ينظم الإعلام، ويحدد المسؤولية الإعلامية على من يرتكب مثل تلك الأخطاء في حق الدولة أو شخص آخر، انبرى بعض الأعضاء لمهاجمة الوزير، واتهموه بأنه يسعى إلى تكميم الأفواه ويقيد الحريات والتجسس على المواطنين، وهدده بعضهم بالاستجواب قبل قراءة القانون ومناقشة الوزير والتعرف على إيجابيات وسلبيات ذلك القانون، ومدى حاجة الدولة لمثل ذلك القانون.

من المؤكد أن ظهور وسائل الاتصال الاجتماعي وانتشارها السريع وسهولة استخدامها، أدى إلى أن يستغل كثير من الشخصيات السيئة ما في تلك الوسائل من مزايا ليتخذ منها منبراً إعلاميا يشتم من خلاله ويسخر ويستهزئ بمن يشاء، يشتم الدولة ورجالاتها وكثيراً من الشخصيات الذين بينهم وبينه خصومات شخصية. ليس من الحكمة أو الفضيلة منح الحرية للشتامين والبذيئين، قال تعالى: «لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ»، فالكلام السيئ الفاحش حرمه الله على عباده، إلا المظلوم سمح له أن يدافع عن مظلوميته، على أن يلتزم بخلق الإسلام، وكيف نسمح للقول السيئ في بلادنا؟ ما يجري في الكويت لا يجري في الدول الأخرى، ولا توجد حرية مطلقة، فالحرية المطلقة ستؤدي للوقوع في الفوضى، لذا يجب وضع قانون يحمي الدولة من الانزلاق في الفوضى، وهذه هي مشكلة الدول التي تمارس الديموقراطية، بدون وعي بقيمها ومبادئها، فحينئذ ستكون الديموقراطية أشد خطراً عليها من الدكتاتورية، وقد تؤدي إلى تفككها.