رغم محاولات الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إثبات العكس، تراهن روسيا على تململ الغرب من مساعدة أوكرانيا وانقسام سياسييه مع طول الحرب، في بادرة غذتها إزالة الكونغرس الأميركي خطط تمويل كييف من الميزانية المؤقتة والانقلاب الانتخابي الذي شهدته سلوفاكيا في اليوم نفسه.

وغداة توقيع الرئيس جو بايدن على قانون تمويل الحكومة حتى 17 نوفمبر المقبل دون تخصيص مساعدات لأوكرانيا، قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، إن «تعب الغرب من الدعم العبثي تماماً لنظام كييف سيزداد في بلدان مختلفة، لا سيما في الولايات المتحدة».

Ad

وأشار بيسكوف إلى أن «تعب» الغرب سيخلق المزيد من «الانقسامات في المؤسسة السياسية» وسيؤدي إلى «تناقضات»، لكنه أكد أن إدارة بايدن ستواصل «انخراطها» في هذا النزاع بعد استبعاد المساعدات من الاتفاق حول الميزانية الفدرالية.

واعتبر نائب وزير الخارجية سيرغي ريابكوف أن اعتماد واشنطن ميزانية مؤقتة لا تشمل تمويل أوكرانيا، مسرحية لن تغير شيئاً في موقفها، مشدداً على أن روسيا لا ترى أي أفق للعلاقات حتى تغير الإدارة الأميركية سياستها.

ومع تزايد القلق بشأن دعم الولايات المتحدة لأوكرانيا، هناك الآن مخاوف متزايدة من ظهور تصدعات داخل الاتحاد الأوروبي، والانضمام المحتمل لسلوفاكيا إلى المجر، أقرب حليف لروسيا في الاتحاد الأوروبي، في معارضتها مزيداً من الدعم لأوكرانيا بعد فوز الحزب الشعبوي الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق روبرت فيكو في الانتخابات التشريعية نهاية الأسبوع الماضي.

كذلك هناك توترات بين كييف وبعض أشد الدول المؤيدة لها في الطرف الشرقي للاتحاد الأوروبي وأبرزها بولندا، حول مسألة تدفق الحبوب إلى أسواقها.

اجتماع تاريخي

وفي أوج القلق من تداعيات قرار الكونغرس الأميركي وتشكيل فيكو لحكومة مؤيدة لروسيا، استضاف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أول اجتماع على الإطلاق لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي خارج حدود التكتل.

وأعرب الاتحاد الأوروبي، في مستهل الاجتماع، عن دعمه الراسخ لها. وقال مسؤول السياسة الخارجية جوزيب بوريل: «نعقد اجتماعاً تاريخياً هنا في أوكرانيا المرشحة للعضوية والعضو المستقبلي ونحن هنا للتعبير عن تضامننا ودعمنا لشعبها».

وإذ عبر وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا عن فخره لاستضافة الاجتماع «للمرة الأولى في التاريخ خارج الحدود الحالية للاتحاد الأوروبي واخل حدوده المستقبلية»، اعتبر كوليبا أن «قرار الكونغرس الأميركي حدث عرضي جرت مناقشته بشكل متعمق جداً مع أعضاء الجمهوريين والديموقراطيين».

وقال لدى استقباله بوريل: «لا نشعر أن الدعم الأميركي قد تناقص. لأن الولايات المتحدة تدرك أن ما يحدث أكبر بكثير من أوكرانيا والأمر يتعلق باستقرار العالم وإمكانية التنبؤ به، وبالتالي أعتقد أنه سيكون بمقدورنا إيجاد الحلول اللازمة».

مظلة حماية شتوية

وتطرّقت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا إلى المخاوف المرتبطة بتراجع الدعم، قائلة، إن الاجتماع كان إشارة لموسكو على تصميم الكتلة على دعم أوكرانيا على المدى الطويل.

بدورها، طالبت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك بإنشاء «مظلة حماية شتوية» لأوكرانيا، موضحة أنها تتضمن توسيع نطاق الدفاع الجوي وتوريد مولدات كهرباء وتعزيز إمدادات الطاقة بوجه عام.

وقالت بيربوك: «رأينا في الشتاء الماضي مدى الطريقة الوحشية التي يشن بها الرئيس الروسي الحرب أيضاً من خلال هجومه المتعمد على محطات الكهرباء»، لافتة إلى أنه يراهن من خلال ذلك على انهيار إمدادات المياه عندما تصل درجات الحرارة إلى 20 درجة تحت الصفر.

بايدن وماسك

وبعد تجنبه الإغلاق الرابع، حثّ بايدن المشرعين على الحفاظ على تدفق المساعدات المالية لأوكرانيا، مشدداً على أن إدارته لن تتخلى عنها أبداً.

وشارك الملياردير الأميركي إيلون ماسك منشوراً على منصة «إكس» يسخر فيه من تكرار طلب زيلينسكي للمساعدات من الولايات المتحدة.

وفي إيطاليا، وصف وزير الخارجية أنطونيو تاياني، نوايا، روبرت فيكو الذي فاز حزبه بالانتخابات البرلمانية في سلوفاكيا مؤخراً وقف إرسال الأسلحة إلى أوكرانيا، بأنها نوايا خاطئة، وشدد على أن الخطط المحتملة للسلطات السلوفاكية الجديدة، ليست «بالإشارة الإيجابية».

إلى ذلك، أفادت وزارة الجيوش الفرنسية أمس، بأن العديد من الشركات الفرنسية أبرمت عقوداً لتوريد الأسلحة إلى أوكرانيا، بما في ذلك 6 مدافع قيصر إضافية وثمانية روبوتات لإزالة الألغام الثقيلة وثماني مركبات برمائية، وتركيب أسلحة على مركبات عسكرية وإنتاج أجزاء معينة منها محلياً.

بوتين وشي

في غضون ذلك، هنأ الرئيس الروسي أمس، نظيره الصيني شي جينبينغ بمناسبة العيد الوطني الرابعة والسبعين لتأسيس الجمهورية، وأشار إلى التفاعل الاستراتيجي بينهما.

وقال بوتين: «العلاقات بين روسيا والصين تتطور بروح من الشراكة الشاملة والتعاون الاستراتيجي. وتتعاون موسكو وبكين بشكل مثمر في جميع المجالات، وتنسقان جهودهما بكفاءة فيما يتعلق بالشؤون الدولية».

وقال بوتين: «أثق في أن مباحثاتنا المقبلة خلال المنتدى الدولي حزام واحد طريق واحد سوف تسهل مواصلة التوسع للنطاق الكامل للعلاقات الروسية الصينية البناءة بما يعود بالنفع على شعبينا الصديقين وبما يضمن تحقيق السلامة والاستقرار في القارة الأوراسية والعالم بأسره».

ميدانياً، قال الجيش الأوكراني، في تقريره الصباحي أمس، إن 150 بلدة على خط المواجهة تعرضت لقصف روسي خلال الساعات الـ24 الأخيرة، موضحاً أنه خاض 38 اشتباكاً على جبهات القتال كافة.

وأعلنت وزارة الدفاع الروسية إحباط جميع الهجمات التي شنتها قوات الأوكرانية اليوم الماضي والقضاء على المئات من أفرادها، وإسقاط 45 طائرة مسيرة وتدمير عشرات الآليات والمعدات العسكرية.