رغم ما تعانيه محكمة التمييز من تكدّس وتراكم في ملفات القضايا، فإن الجمعية العمومية لها لم تقرر زيادة في عدد دوائر المحكمة، ولم يتضح من كشف الجمعية وجود أي زيادة ملحوظة في عدد مستشاري المحكمة من شأنها أن تحرّك المياه الراكدة تجاه هذه القضية!

والواقع الأليم الذي تشهده المحكمة لا يخفى على المسؤولين عن الشأن القضائي، وعلى رأسهم رئيس محكمة التمييز ورئيس مجلس القضاء، ولا يخفى على أعضاء المجلس ووزارة العدل، وهو واقع يستدعي النظر إليه بأن بقاءه سيضرّ بمرفق العدالة وبثقة المتقاضين، علاوة على عدم الشعور بخطورة ما يحدث على حقوق الناس.

Ad

والأمر لم يعد بمنزلة ملفات مكدّسة ومتراكمة نتعامل معها بطريقة ندرس ونبحث ونقترح وننتظر التقارير، وإنّما الأمر مرتبط بمراكز قانونية معلّقة منذ سنوات طويلة انشغلنا نحن بانتظارها، بينما انفجرت خلالها ثورات التطور التقني، ويتم استغلالها بمجال تقديم الخدمات القضائية في أقرب الدول المجاورة لنا!

ورغم التحذير من أصل هذه المشكلة وقبل نحو 10 سنوات، وإطلاق الوعود لمعالجتها من قبل الرؤساء المتعاقبين على مجلس القضاء، فإنّ الواقع كشف عن غياب الخطط الحقيقية للتعامل مع هذه المشكلة، وفقد الآليات الواقعية والقانونية لها، مما أحدث لدينا كارثة تحتاج الى سنوات للتخلّص منها إذا ما بدأنا فعلاً الآن العمل على إنجاز الحلول، وإزالة العقبات التي تواجه قضية الطعون.

وجزء من الحلول التي كان يتعيّن التعامل معها يتمثّل في زيادة عدد الدوائر القضائية وأعضاء نيابة التمييز، وعقد اللجان المسائية، أو زيادة عقد الجلسات بواقع جلستين أو ثلاث أسبوعيا، بدلا من عقدها بواقع جلسة واحدة بدوائر المحكمة، إلا أن الإدارة المسؤولة عن القرار - أيّا ما كان موقعها - لم تتخذ أي خطوات فاعلة للحد من تفاقم تلك القضية.

بل إنه حتى الحلول التي وُضعت في بداية هذا العام بعرض الطعون الحديثة أمام دوائر المحكمة بغرفة المشورة لنظرها أولا، وحال قبولها تحدد لها جلسات أو يتقرر عدم قبولها، تكدّست هي الأخرى، وأصبح عقد الجلسات لغرفة المشورة محدداً في بعض الدوائر إلى عام 2024، وربما تصل إلى عام 2025 لعقد جلسات المشورة، مع تعطيل الفصل بكل الطعون السابقة التي هي بالأساس متراكمة، ولذلك فإن كل ما فعلناه هو أننا أنجزنا جزءاً من الطعون الحديثة، وأبقينا «التراكم القديم» كما هو!

ننتظر - كمتقاضين - أن يحدث تغيّر أو تطوّر للمشهد الذي وصلنا إليه اليوم بوجود 85 ألف طعن مقدّمة أمام محكمة التمييز، منها فقط 75 ألفاً متراكمة، بأن يفصل بالطعون الإدارية المتراكمة التي تشهد تعطيلاً للمراكز القانونية منذ سنوات، ومنها ما يتعلق بحقوق الموظفين ومطالباتهم، وفصلاً للطعون التجارية المتراكمة التي تشهد تعطيلاً للمراكز القانونية للمتعاملين بالشأن التجاري، وللطعون المتراكمة للنزاعات العمالية، التي تشهد تعطيلاً للمراكز القانونية للعمال وأصحاب العمل.