في مدارس الوطنية هناك مراحل متعددة، تماما كمراحل التعليم المعتاد، فهناك روضة، وهناك تعليم متوسط وثانوي، وهناك أيضاً تعليم عال، وما يفرق بين هذه المراحل بعيداً عن المناهج المقدمة هو النضج، فالنضج هو الذي يجعل تلميذ الثانوية وما بعدها يفهم علم اللوغاريتمات وشعر المعلقات كمثال، والتي لا يفهمها ويستوعبها نضج وعقل تلميذ الروضة الذي يكتفي بواحد زائد واحد يساوي اثنين، وباء مثل الصحن تحتها نقطة وتاء صحن فوقه نقطتان.

كذلك الأمر في مدارس الوطنية، فمنتسبو الروضة الوطنية لن يفهموا أن لكل مقام للوطن مقالاً يخصه في حين تفهمها المراحل المتقدمة جيدا، فتعرف متى يكون مقالها الوطني مستحقاً لمقام أي فعل أو حدث وما موقعه من إعراب جملة مصالح الوطن.

ما حدث من ردود أفعال أثناء خطاب سمو رئيس الوزراء على منبر الأمم المتحدة هو عيّنة جيدة لفهم ما سبق، فتلاميذ الروضة الوطنية جعلوا مخارج الحروف والألفاظ لب مقالهم، ونسوا المقام وتركوه لوحده في العراء، ولم يفهموا أن من كان خطيباً على المنبر لم يكن يمثل نفسه بل يمثل الوطن، وللوطن مقام يجب أن يحترمه المقال الموجه، وأولى درجات الاحترام أن نترك قشور الإلقاء والأخطاء ونركز على مضامين الخطاب ودورها في توضيح ثوابت البلاد ورؤيتها لقضايا تمسها.
Ad


والخطاب أجاد في ذلك بلسان كويتي مبين يمثلنا جميعاً، وأوضح أننا لن نتنازل عن ذرة تراب من أرضنا ولن نفرط بثرواتنا، ولن نحيد عن الخط الذي سار الوطن بخصوص موقفنا من القضية الفلسطينية وقضايا الشعوب الأخرى.

هذا هو مقال الوطن الذي نريده، وقد كان، وسيجد له مقاما يليق به، إشادة ودعما وموافقة لا نقدا يرى قذى حرف أو جملة في عين أخيه، ولا يرى جذع الوطنية اليابس في عينه!