بعد 4 أشهر من تجنب عجز كارثي على سداد الديون، يبدو أكبر اقتصاد في العالم على حافة أزمة مالية كبرى مع نزاع مرير بين الديموقراطيين بزعامة الرئيس جو بايدن والجمهوريين في الكونغرس بشأن تصويت على ميزانية الحكومة الفدرالية.

ويتعين على الكونغرس التصويت على ميزانية لتمويل الحكومة الفدرالية بحلول منتصف ليل الثلاثين من سبتمبر.

Ad

ومن شأن الإغلاق تعريض الشؤون المالية لمئات آلاف من العاملين في المنتزهات الوطنية والمتاحف ومواقع أخرى التي تعمل بتمويل فدرالي للخطر، وقد ينطوي أيضاً على مخاطر سياسية كبيرة على بايدن أثناء ترشحه لإعادة انتخابه في عام 2024.

واتهم بايدن السبت «مجموعة صغيرة من الجمهوريين المتطرفين» بأنهم يهددون بالتسبب في شل الإدارة الفدرالية الأسبوع المقبل مع «إغلاق» عدد من مؤسساتها لانقطاع التمويل لها. وقال بايدن، الذي كان يتحدث خلال عشاء في الكونغرس، إنه اتفق مع الرئيس الجمهوري لمجلس النواب كيفن مكارثي على مستوى الإنفاق العام للسنة المالية المقبلة التي تبدأ في الأول من أكتوبر.

وتابع «اليوم، ثمة مجموعة صغيرة من الجمهوريين المتطرفين لا تريد احترام الاتفاق، وقد يدفع جميع الأميركيين الثمن»، مضيفاً أن «تمويل الحكومة هو أحد أهم المسؤوليات الأساسية للكونغرس. حان الوقت لكي يبدأ الجمهوريون في إنجاز العمل الذي انتخبتهم أميركا للقيام به. دعونا نفعل ذلك».

والكونغرس منقسم حالياً، إذ يُهيمن الديموقراطيّون على مجلس الشيوخ، في حين أنّ مجلس النواب خاضع لسيطرة المعارضة الجمهورية. ويريد البيت الأبيض إدراج 24 مليار دولار من المساعدات العسكرية والإنسانية لأوكرانيا في الميزانية. ويحظى هذا الإجراء بدعم الديموقراطيين والجمهوريين في مجلس الشيوخ، لكن بعض أعضاء مجلس النواب يعارضونه بشدة.

وقالت النائبة الجمهورية المقربة من الرئيس السابق دونالد ترامب مارجوري تايلور غرين، في مقطع فيديو نشرته على «إكس» «لن أصوّت لفلس واحد ليذهب إلى الحرب في أوكرانيا»، مؤكدة «أنا أضع أميركا أولاً. أعمل من أجل الولايات المتحدة الأميركية. أنا أعمل من أجل الشعب الأميركي». وردد الجمهوري في مجلس النواب إيلاي كرين هذا الرأي. وبحسب كرين في مقطع فيديو نشر على وسائل التواصل الاجتماعي «الناس في كل البلاد تعبوا من تمويل الآخرين (..) نواصل الإنفاق والإنفاق والإنفاق بأموال لا نملكها». ويضع كل هذا مكارثي في مأزق.

وأكد الجمهوري مايك تيرنر لـ «اي بي سي نيوز» الأحد في حديث «إنه في موقف صعب جداً لأن الرافضين يواصلون القول لكيفين مكارثي لا تطرح مشاريع مقدمة من الحزبين. لا نريد منك استخدام أصوات الديموقراطيين لمحاولة تجنب الإغلاق». ويتحول التصويت على الميزانية في الكونغرس بانتظام إلى مواجهة بين الحزبين، حيث يستغل كل جانب احتمال حصول إغلاق لانتزاع تنازلات من الطرف الآخر، قبل التوصل إلى حل في اللحظة الأخيرة.

لكن هذا العام، فإن المواجهة تفاقمت بسبب مستويات غير مسبوقة من الاستقطاب.

وفي مجلس الشيوخ، فإن النقاش بقيادة شخصيتين تمتعان بثقل، زعيم الأغلبية الديموقراطية تشاك شومر، ومن الجانب الجمهوري، ميتش ماكونيل، زعيم الأقلية.

وأكد شومر في حديث لـ «سي ان ان» الجمعة أنه وماكونيل يؤيدان «بقوة مساعدة أوكرانيا»، موضحا «وأعتقد أن غالبية أعضاء الحزبين في مجلس الشيوخ يوافقون على ذلك.»

وفي حال عدم التوصل إلى اتفاق، قد يلجأ المشرعون إلى إجراء تمويل قصير الأمد، يعرف باسم القرار المستمر، مما يمنح فترة للمشرعين لإيجاد أرضية مشتركة.

ويأتي هذا بعد أربعة أشهر فقط من أزمة سقف الدين، التي اقتربت فيها واشنطن بشكل خطير من إمكانية التخلف عن السداد، ما كان سيؤدي إلى عواقب وخيمة على الاقتصاد الأميركي وخارجه. وفي إطار الاتفاق، وافق الديموقراطيون على تحديد بعض الإنفاق في مسعى للموافقة على الميزانية.

وأكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيار أن «الاتفاق اتفاق» وألقت باللوم على الجمهوريين من أجل مخاطرتهم بما وصفته بـ «إغلاق غير ضروري».

وفي حال قامت الحكومة بوقف العمليات، لن تحصل العائلات ذات الدخل المنخفض على شيكات المساعدات الغذائية وستتعطل الحركة الجوية وقد يتم إغلاق المتنزهات الوطنية. وعند الإغلاق، يُطلب من موظفي الخدمة المدنية الذين يعتبرون «غير أساسيين» البقاء في منازلهم، ولن يتلقوا رواتبهم إلا عندما يتم حل المشكلة.

وشهدت الولايات المتحدة أربع إغلاقات مهمة منذ 1976. كان آخرها في آواخر عام 2018 واستمر لخمسة أسابيع. وكلف الاقتصاد الأميركي 3 مليارات دولار. ويؤكد نواب معارضتهم لتكرار ذلك لكنه تجنب إغلاق قد يبدو صعباً.

وأكد النائب الجمهوري في مجلس النواب توني غونزاليس في حديث لشبكة «سي بي اس» الأحد «لا أريد أن أرى إغلاقاً»، موضحاً «لكن ليس هناك أي شك لدي بأن البلاد تتجه نحو الإغلاق، ويجب على الجميع الاستعداد».