اندلعت اشتباكات غير مسبوقة بين قوات الجيش السوداني وعناصر ميليشيات «تحالف أحزاب وقبائل البجا» بمدينة بورتسودان، التي استقر بها رئيس مجلس السيادة المؤقت عبدالفتاح البرهان بوصفها عاصمة مؤقتة للبلاد، وسط عدم قدرة الجيش على حسم المعركة ضد قوات «الدعم السريع» في العاصمة الخرطوم.

وأفادت تقارير بأن الجيش أطلق النار على نقاط تفتيش غير قانونية نصبت بواسطة ميليشيا تابعة لـ«تحالف أحزاب شرق السودان»، فأوقع إصابات بصفوف عناصرها ليل الاثنين ـ الثلاثاء. قبل أن تنسحب تلك العناصر ويعود الهدوء الحذر إلى المدينة التي تحتوي على أكبر ميناء بحري في البلاد، إضافة إلى مطار دولي وتعد محطة رئيسية للتجارة الخارجية وتصدير نفط دولة جنوب السودان.

Ad

وذكر شهود أن «الجنود انتشروا في المنطقة بعد إزالة نقاط التفتيش التي أقامتها الميليشيا».

من جهته، صرح قائد الميليشيا شيبة ضرار لهيئة الإذاعة البريطانية، بأن الهدف من إقامة نقاط التفتيش هو «منع عمليات تهريب السلع الغذائية من ميناء بورتسودان»، موضحاً أن قواته تساعد الجيش في تأمين المدينة ومنع السرقة، وغيرها من الأنشطة غير القانونية.

وأعلن ضرار، وهو زعيم قبلي، في وقت سابق دعمه الكامل للجيش ضد قوات الدعم السريع بقيادة محمد دقلو، المعروف بـ «حميدتي»، والمدعومة من قبائل عربية بغرب السودان، وخاصة إقليم دارفور.

وفي وقت لم يصدر الجيش بياناً بشأن الواقعة، إلا أن مصادر عسكرية أكدت أن الجيش لا يرغب في وجود ميليشيات عسكرية في بورتسودان المطلة على البحر الأحمر، والتي ظلت بعيدة عن الاضطرابات والمعارك العنيفة التي اندلعت بين الجيش وقوات حميدتي في الخرطوم ودارفور وعدد من الولايات الأخرى بالجنوب منذ منتصف أبريل الماضي.

ورغم محدودية الاشتباكات المفاجئة بالمدينة التي اشتكت من تهميش السلطات المركزية في الخرطوم لها، على مدار السنوات التي أعقبت عزل الرئيس عمر البشير، فإنها مثّلت إرباكاً غير متوقع لخطط البرهان، التي أفصح عنها في وقت سابق، بشأن التوجه نحو تشكيل «حكومة حرب» تتمركز في بورتسودان.

كما أثارت الاشتباكات تساؤلات بشأن تكرار السيناريو الليبي واليمني في السودان، خصوصاً بعد تهديدات قائد «الدعم السريع» بتشكيل حكومة موازية تضم فصائل سياسية مدنية على غرار أحزاب «قوى الحرية والتغيير» ومقرها العاصمة الخرطوم، إذا ما أقدم البرهان، على تشكيل حكومة في بورتسودان. كما حذر حميدتي من أن البلد يتجه نحو التقسيم بسرعة في حال تشكيل سلطتين بمناطق معزولة.

وعلى مدى الأسابيع الثلاثة الماضية، كانت بورتسودان بمنزلة قاعدة جديدة للبرهان، الذي كان متحصناً حتى أواخر أغسطس في مقر الجيش بالخرطوم، الذي يحاصره مقاتلو «الدعم السريع».

معركة الخرطوم

في غضون ذلك، واصلت قوات الدعم السريع هجومها المكثف على مقر الجيش وسط الخرطوم، لليوم الرابع على التوالي، في حين ردّ الجيش بغارات جوية وطائرات مسيّرة.

وأفادت تقارير في أم درمان، على الجانب الآخر من نهر النيل جنوب الخرطوم، بأن الجيش هاجم قواعد حميدتي بنيران المدفعية.

وأدى القتال العنيف منذ السبت الماضي إلى إضرام النيران في المباني الرئيسية في أفق الخرطوم، مما حوّل الأبراج في وسط العاصمة إلى هياكل عظمية سوداء.

وتبادل الجانبان الاتهامات بالمسؤولية عن أعمال التدمير التي شملت وزارة العدل وبرج شركة بترول النيل الكبرى، وهو مبنى مخروطي الشكل ذو واجهات زجاجية أصبح معلماً بارزاً للمدينة.

في المقابل، اتهم الناشطون وجماعات الإغاثة والمنظمات الدولية كلا القوتين باستهداف البنية التحتية والفشل في حماية المدنيين.

مأساة الأطفال

إلى ذلك، توفي نحو 1200 طفل، دون سن الخامسة، جراء الحصبة وسوء التغذية في 9 مخيّمات للاجئين في السودان منذ مايو الماضي، وقد يموت عشرات الآلاف الآخرين بحلول نهاية السنة، وفق ما أعلنت الأمم المتحدة أمس.