قال رئيس مجلس الأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف، خلال اجتماع مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي في موسكو، اليوم، إن القيادة الروسية تريد تشكيل محور مع بكين لمواجهة الغرب.

وقال باتروشيف، خلال الاجتماع: «وسط الحملة الشاملة للاحتواء المزدوج لروسيا والصين، التي ينتهجها الغرب بشكل جماعي، فإن مزيداً من تعميق التعاون الروسي - الصيني على الساحة الدولية يكتسب أهمية خاصة»، بحسب ما أوردت وكالة «إنترفاكس» الروسية للأنباء.

Ad

وأكد باتروشيف، أحد أقرب حلفاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لضيفه أن موسكو تدعم مطالب بكين في تايوان، على سبيل المثال. كما تتضامن روسيا مع الصين فيما يتعلق بمناطق التيبت وهونغ كونغ وشينجيانغ التي يقطنها مسلمو الإيغور.

إلى ذلك، أعلن باتروشيف أن الرئيس فلاديمير بوتين سيزور الصين في أكتوبر المقبل لإجراء مباحثات مع نظيره الصيني شي جينبينغ خلال مشاركته في منتدى «حزام واحد - طريق واحد».

وأكد باتروشيف عزم روسيا تطوير علاقات الشراكة الاستراتيجية والتعاون الشامل مع الصين قائلاً: «من المهم أن مواقف البلدين إزاء النظام العالمي والقضايا الدولية الأساسية متطابقة أو متقاربة، خصوصاً ما يتعلق بمفهوم الأمن الموحد والمتكافئ وسبل حماية المصالح الوطنية واختيار سبل التنمية المستقلة».

وكان وزير الخارجية الصيني وانغ يي، قال أمس، بعد اجتماعه مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو، إنه «في مواجهة تصاعد الأحادية والهيمنة ومواجهات الكتل، يتعين على الصين وروسيا التمسك بالتعددية الحقيقية».

وذكر وانغ، وهو أيضاً عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، أنه «يتعين على البلدين أيضاً التماشي مع اتجاه العصر، وتحمل المسؤولية كدولتين كبيرتين، والوفاء بالالتزامات الدولية الواجبة».

كما دعا إلى «تعزيز تعدد الأقطاب في العالم ودفع تطوير الحوكمة العالمية في اتجاه أكثر عدلاً وإنصافاً من خلال تعزيز التنسيق الاستراتيجي».

وفي ضوء التغيرات المعقدة والجذرية في المشهد الدولي، قال لافروف، إنه «يتعين على روسيا والصين مواصلة تعزيز التنسيق والتعاون في الإطارات المتعددة الأطراف كالأمم المتحدة ومنظمة شانغهاي للتعاون، من أجل حماية المعايير الأساسية للعلاقات الدولية بشكل مشترك».

وأشاد الجانبان بـ «التوسع التاريخي لبريكس»، وأعربا عن استعدادهما للعمل مع جميع الدول الأعضاء في بريكس لبناء منصة أكبر للتضامن والتعاون والتنمية المشتركة.

وشارك لافروف وجهات نظره بشأن الأزمة الأوكرانية، وأشاد بورقة موقف الصين لاستيعابها المخاوف الأمنية لجميع الأطراف وكونها تفضي إلى القضاء على الأسباب الجذرية للصراع. وقال وانغ، إن الصين ملتزمة بالنهج الصحيح لمحادثات السلام وستلعب دوراً بنّاء في التسوية السياسية للأزمة بطريقتها الخاصة.

في هذ الإطار، وبعد تقييمات أميركية متشائمة، أكد وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، اليوم، أن الهجوم الأوكراني المضاد يحقق «تقدماً منتظماً»، مشيداً بشجاعة القوات الأوكرانية في اختراق «الخطوط الفائقة التحصين للجيش الروسي». وأعلن أوستن أن كييف ستحصل قريباً على دبابات «إم1 أبرامز».

على صعيد آخر، ومنذ أن لقي قائد مجموعة «فاغنر» يفغيني بريغوجين حتفه بحادث تحطم طائرة في أغسطس الفائت، تعمل السلطات الروسية على تعزيز نفوذها في القارة الإفريقية.

ويسعى الكرملين «إلى السيطرة بشكل كامل على أذرع فاغنر وشبكتها التجارية في القارة السمراء، ويعمل في الوقت عينه على تعزيز هيمنته (من خلال فاغنر) بدولة مثل إفريقيا الوسطى»، أولى الدول التي امتلكت موسكو نفوذاً كبيراً فيها.

ففي عاصمة إفريقيا الوسطى بانغي، يبدو النفوذ الروسي «في كل مكان» بدءاً من المحلات التي تقدم مشروبات تصنعها شركات تابعة لفاغنر، مروراً بمقاتلات روسية تبرعت بها موسكو للدولة الإفريقية تحلق بشكل متكرر في الأجواء.

وفي السياق، أكد أحد مستشاري الرئاسة في إفريقيا الوسطى، فيديليه غواندجيكا، أن «التمرد الفاشل لفاغنر في روسيا ومقتل قائد المجموعة، لم يتبعه أي تغيير في العلاقة بين بانغي وموسكو»، وفق ما نقلت شبكة «سي إن إن». أما عن بريغوجين، فقال وهو يرتدي قميصاً أسود كُتب عليه «أنا فاغنر» باللغة الفرنسية: «لقد كان صديقي».

إلى ذلك، أوضح أن بلاده تلقت مؤخراً تأكيدات من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن «كل شيء سيظل كما كان في السابق. وسيكون الغد وبعد الغد أفضل».

من جهتها، كشفت المسؤولة البارزة في منظمة «The Sentry» الأميركية غير الربحية، التي ترصد أنشطة فاغنر، ناتاليا دوخان، أن «(البيت الروسي) في بانغي، هو بمنزلة محور جميع أنشطة فاغنر في إفريقيا الوسطى».

وبحسب المنظمة الأميركية، فإن «البيت الروسي يعتبر مركزاً لعمليات مرتبطة بأنشطة فاغنر التجارية، مثل بيع الذهب والماس، وأنشطة ترفيهية للشخصيات المهمة».

كما ينظم المكان فعاليات، تسعى لنشر الثقافة الروسية، والترويج للتصورات المؤيدة لموسكو فيما يتعلق بالعلاقات الدولية.

أما مقاتلو «فاغنر» فيمكن رؤيتهم في كل مكان، «يتجولون بشوارع بانغي ويتسوقون من محال البقالة مرتدين أقنعة للوجه، التزاماً بتعليمات المجموعة».

يشار إلى أن فاغنر تعمل في إفريقيا الوسطى منذ عام 2018، لحماية الرئيس وتدريب قوات الجيش، وحصلت بعد ذلك على سلسلة امتيازات مهمة في مجال التعدين، للتنقيب عن الذهب والماس.

وكانت موسكو قد أعلنت نهاية العام الماضي، أن مدير «البيت الروسي» في بانغي، دميتري سيتوي، تعرض لمحاولة اغتيال، وطالبت السلطات بإجراء تحقيق عاجل حول الأمر.

يذكر أن بريغوجين لقي مصرعه بحادث تحطم طائرة شمال موسكو في أغسطس الفائت، فيما يعتقد مسؤولو المخابرات الأميركية أنه «عملية اغتيال»، وهو أمر نفت موسكو علاقتها به.