في ذات الوقت التي تتدافع به المزايدات الدينية على شكل اقتراحات نيابية مستغلةً التنافس بأعلى الهرم لتمرير أجندتها بين أرجل اللاعبين الكبار على حساب الشعب وحرياته واختياراته ونمط حياته، تزدحم الطائرات بالطيور العائدة إلى أرض الوطن من بلاد الكفار والعلمانيين المليئة بالمراقص والخمور والدعارة وشواطئ العراة التي كاد يغرق في أحدها أحد نوابنا السابقين الشرسين الأفاضل، غفر الله له، وأهون تلك الدول، تركيا العثمانيين والعدالة والتنمية.

الكلام سهل ومجاني، وادّعاء المثالية أسهل من الالتزام بها بمراحل، فمن السهل مثلاً أن تطالب بمنع الاختلاط في الجامعات، لكن من الصعب أن تمتنع عن إرسال أبنائك للدراسة في الخارج، أو السعي لتعيينهم في أماكن عمل مختلطة، ومن اليسير جداً أن تطالب بتطبيق الشريعة وتعديل المادة الثانية في كل فرصة سانحة، لكنّ إيمانك الفائض علينا لا يمنعك عن التراكض للمخافر والنيابات للتوسط لناخبيك وأقربائك، أو تمرير معاملاتهم الفاسدة، ومن أبسط الأمور أن تضيف كلمة «إسلامي» السحرية على كل مقترح تقدّمه، لكنّ سلوكك الاجتماعي والانتخابي والسياسي أقرب إلى بني القينقاع منه للمهاجرين أو الأنصار.

Ad

وفي المقابل، صعب جداً الاقتناع بصدق نوايا أو التزام أصحاب مثل هذه الاقتراحات أو المدافعين عنهم، فالإيمان الحقيقي هو ما وقر في القلب وصدّقه العمل، وأعمال الكثير منهم للأسف ما تساعد، ولن تهتز قناعتي إلّا عندما يكون عدد الطائرات المتجهة للسياحة والراحة والاستجمام في كابول أكثر منها لبلاد الغرب الفاسق وإسطنبول العامرة، واعتبروها دعوة مفتوحة منّي للخطوط الجوية الكويتية لتدشين الخط المباشر، وبانتظار نائب فاضل ليتبنّى الاقتراح.