وسط تراكم عدد الطعون أمام محكمة التمييز وبلوغها ما يقارب 75 ألف طعن، عمد المجلس الأعلى للقضاء إلى وضع حد لتلك الأزمة المتفاقمة، عبر إصداره قراراً بتشكيل لجنة تتولى بحث أسباب هذه المشكلة وطرح الحلول الكفيلة بمعالجتها، في خطوة تحسب للمجلس سعياً لتلافي تعطل مصالح المتقاضين، والحد من فترة انتظار القضايا أمام المحاكم التي وصلت في بعضها إلى نحو 8 سنوات، لتصبح الكرة في ملعب اللجنة التي بات عليها سرعة التحرك والتفاعل مع ما بدأه المجلس.

ونص قرار المجلس على أن تُشكل اللجنة بعضوية مستشاري «التمييز» عبدالله جاسم العبدالله، ود. عبيد مجول العجمي، وعويد ساري الثويمر، لبحث المشكلة واقتراح التوصيات الكفيلة بحلها، على أن تُقدم تقريراً بذلك إلى المجلس.

Ad

يأتي ذلك في وقت تقترب الجمعيات العمومية للقضاة والمستشارين في جميع المحاكم من عقد اجتماعاتها أواخر الشهر الجاري، ومع ما تواجهه المحاكم من سلسلة عقبات فنية وإدارية هذا العام، وعلى رأسها تراكم الطعون أمام دوائر «التمييز» التي يبدو أن الأجهزة الإدارية فيها فقدت السيطرة عليها بعدما وصل عدد الطعون الواردة نحو 75 ألفاً، وفي مقدمتها طعون القضايا الإدارية والعمالية والمدنية.

ومنذ عام 2014 بدأت الطعون تتراكم دون حلول ناجعة لمواجهتها، رغم أن عددها عندئذ لم يكن يتجاوز 20 ألفاً، لتنمو المشكلة وتقترب أعدادها اليوم مع نهاية العام أو مطلع العام المقبل إلى 100 ألف طعن قابلة للزيادة، ما لم توضع حلول حقيقية من العاملين على هذا الملف، في طليعتها زيادة عدد الدوائر القضائية مع نقل عدد من المستشارين من محكمة الاستئناف إلى «التمييز» وزيادة عدد أعضاء نيابة التمييز، وعقد جلستين أو ثلاث للدوائر أسبوعياً بدلاً من واحدة، فضلاً عن المطالبة بتعديل قوانين المرافعات وإجراءات الطعن أمام محكمة التمييز.

والمشكلة ذاتها في المحاكم الجزائية التي لم تعد تستطيع مواجهة عدد قضايا الجنح بأنواعها، ما دفع أقسام الجدول إلى تحديد جلسات بعيدة لنظر تلك القضايا يصل بعضها إلى عام 2027، في مشهد يعكس فقدان السيطرة الإدارية على تنظيم قضايا الجنح التي باتت تتسبب في مراجعة المئات من المواطنين والمقيمين يومياً لإدارات المحاكم في الرقعي وإدارة تنفيذ الأحكام بوزارة الداخلية لرفع القيود، إلى حين تحديد جلسات لقضاياهم التي ينتظر نظرها في غضون ثلاثة أعوام أو أربعة، بسبب عدم القدرة على احتواء تلك القضايا، سواء من «الداخلية»، ممثلة في التحقيقات وتنفيذ الأحكام، أو من «العدل» والجهاز الإداري بالمحكمة الكلية.

في موازاة ذلك، تواجه المحاكم هذا العام نقصاً في عدد المستشارين والقضاة العاملين، ولاسيما بعد انتهاء عقود عدد من القضاة الوافدين وعدم الرغبة في التوسع بإبرام عقود جديدة لغير المواطنين للعمل ببعض المحاكم، وتحديداً في «الكلية»، اعتماداً على الكوادر الوطنية الآتية من النيابة، بعد قضائها بها ما لا يقل عن خمس سنوات.

وبينما تتزايد فكرة رفع عدد الدوائر القضائية في كل عام قضائي، فإن هذا العام سيشهد إما ثباتاً في عدد من الدوائر في بعض المحاكم، أو تقليصاً في بعض المحاكم الأخرى مثل الاستئناف.