صدر حديثاً عن دار شيماء نبيل الملا للنشر والتوزيع كتاب «البرقع – لمحة تاريخية»، للباحثة شيماء الملا.

يوثق الكتاب تاريخ البرقع منذ ما قبل الإسلام، مروراً بعصور الخلافة، ووصولاً إلى العصر الحديث.

حفرت الباحثة والمؤلفة في طبقات الزمان والمكان، منقبةً عن سرٍّ تميزت به النساء قديماً، لتكشف عن العلاقة التي تربط بين البيئة الطبيعية والزي التقليدي للمرأة، والتي تحمل رسالة فنية تراثية خفية قديماً وحديثاً، حيث يُعد البرقع مكوناً رئيساً من مكونات الأزياء الشعبية الخليجية.

Ad

غلاف الكتاب

وسردت الباحثة في الكتاب قصصاً متنوعة ترتبط بهذا الموضوع، منها قصة طريفة عن بداية البرقع في الجزيرة العربية، بأنه في عام 1870م، نتيجة حيلة فتاة من إحدى القبائل كاد والدها يزوجها لخاطب غريب، والفتاة لا ترغبه، ولا تقدر على عصيان رغبة والدها، فجاءت والدة ذلك الخاطب الغريب لترى الفتاة، فتعمَّدت الفتاة المكر والخديعة، وشوَّهت نفسها، بأن وضعت على وجهها قطعة قماش سوداء، وثقبت لعينيها فتحات غير منظمة تُفزع الناظرين، وتظاهرت بالبلاهة لدى مقابلة والدة الخطيب، وعند اكتشاف والدها لحيلتها غضب، وأقسم بأن يكون هذا البرقع لباسها ما دامت حية.

وأضافت الباحثة أنه لا توجد في منطقة الجزيرة العربية ثقافة الأقنعة بالمعنى الفني أو السحري المتعارف عليه في دول شرق آسيا وإفريقيا والهند، على سبيل المثال، لكن توجد في هذه المنطقة قطعة لباس نسائية وحيدة تُستخدم كقناع على وجه المرأة، هي البرقع، الذي ارتبط تاريخياً بقوة المرأة وشهامتها.

وربطت الباحثة ظهور البرقع في المجتمعات الخليجية بالأعراف التي سادت حين ظهوره من أنه لا يجوز للمرأة أن تظهر وجهها للأغراب، لكن لضرورات تحرك المرأة في المجتمع، والتقائها بالرجال، وتعاملها معهم، خصوصاً المرأة العاملة أو ربة البيت التي تضطر للذهاب إلى الأسواق والاختلاط بالرجال، فقد كان لابد من إيجاد وسيلة سهلة وعملية لإخفاء الوجه، وفي الوقت ذاته يمكن من خلال هذه الوسيلة أن ترى العينان ما حولهما دونما عائق.

جاء الكتاب في أربعة أبواب وثقت فيه الباحثة الملا البرقع منذ ما قبل الإسلام، مروراً بعصور الخلافة، وتعدد مسميات البرقع في تلك العصور والتعديلات التي أضيفت عليه، ومشاهدات المؤرخين والرحالة للمرأة الخليجية عامة، والكويتية خاصة.

يُعد هذا الكتاب إضافة جديدة للمكتبة العربية التاريخية التي تُعنى بالأزياء التراثية، باعتبارها مرجعاً موثوقاً في نقل التراث وتوثيقه بكل أمانة وصدق.