في وقت تسابق فرق الإنقاذ الزمن بحثاً عن ناجين من الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد، ليل الجمعة ـ السبت، خصوصاً في المدن القديمة والبلدات الجبلية، شيّع المغرب ضحايا الكارثة التي أودت بحياة أكثر من ألفَي شخص، وفقاً لحصيلة رسمية يتوقع أن تتجاوز الـ 3 آلاف مع تواصل جهود انتشال القتلى من تحت الأنقاض.

ومع بدء تنكيس الأعلام في كل أنحاء المغرب ، بأمر من الملك محمد السادس الذي أعلن الحداد الوطني لمدّة ثلاثة أيام، أقيمت صلاة الغائب بعموم مساجد المغرب على أرواح الضحايا.

Ad

وخيمت أجواء الحزن على عموم المملكة لليوم الثاني على التوالي، مع انتشار مظاهر الفوضى والحسرة بالمناطق المنكوبة، وبعد أن قضى العشرات في الرباط والدار البيضاء وأغادير والصويرة ليلتهم الثانية في العراء خوفاً من انهيار منازلهم المتضررة خصوصاً في مدينة مراكش المسجلة بلائحة منظمة «اليونسكو» للمواقع التراثية العالمية.

وفي إطار مواصلة السلطات المغربية أعمال البحث عن ناجين من أقوى زلزال تشهده البلاد منذ أكثر من قرن، نقل جنود وعمّال إغاثة المياه وغيرها من الإمدادات إلى القرى الجبلية المنكوبة، حيث سجل الدمار الأسوأ في المجتمعات الريفية الصغيرة، التي يصعب الوصول إليها بسبب التضاريس الجبلية الوعرة وانهيار الطرق الصخيرة جراء الهزة الأرضية التي بلغت شدتها 7 درجات على مقياس «ريختر».

وفي حين أكدت وزارة الداخلية المغربية، أنّ «السلطات العامة لا تزال في حالة استنفار لتسريع عمليات الإنقاذ والإخلاء للمصابين»، اشتكى عدد من المغاربة على شبكات التواصل الاجتماعي من عدم سماح الحكومة بمزيد من المساعدة الدولية بعد توقع الأمم المتحدة تضرر 300 ألف شخص في مدينة مراكش التاريخية والمنطقة المحيطة بها خصوصاً في سلسلة جبال الأطلس.

وبرز اسم ولاية الحوز الأكثر تضرّراً، إذ سقط فيها 1293 قتيلاً، تليها ولاية تارودانت التي سقط فيها 452 قتيلاً. وفي هاتَين المنطقتَين الواقعتَين جنوب غرب مدينة مراكش السياحية، دمّر الزلزال قرى بأكملها وبيوتها الطينية.

ووسط هول الكارثة واسعة النطاق، لفت المرصد الزلزالي المغربي إلى أن موجات الزلازل الارتدادية قد تستمر 40 يوماً، فيما رصدت هزة أرضية بلغت شدتها 4.5 على مقياس ريختر .

مساعدة وانتظار

وبالتزامن مع تدفق طائرات الجسور الجوية التي حركتها الكويت والسعودية والإمارات وقطر ودول عربية بينها مصر وتونس والأردن لنقل المساعدة إلى الرباط، وصل فريق إغاثة إيطالي إلى قرية مولاي إبراهيم المنكوبة في إقليم الحوز، مركز الزلزال المدمر، فيما أبلغ «البيت الأبيض»، السلطات المغربية استعداد واشنطن لتقديم دعم كبير في مجالات البحث والإنقاذ والمساعدة الطبية.

كما أفاد الجيش الإسباني بأنّه أرسل طائرة تابعة للقوات الجوية تحمل فريقاً للبحث والإنقاذ الحضري مؤلّفاً من 56 جندياً وأربعة كلاب إلى مراكش للمساعدة بطلب ثنائي من سلطات الرباط.

في السياق، أفادت الأمم المتحدة بأنّ فريقها في المغرب ينسّق مع السلطات هناك بشأن كيفية تقديم الشركاء الدوليين للدعم.

وشُكّل 100 فريق بإجمالي 3500 من عناصر الإنقاذ من كلّ أنحاء العالم، في إطار منصّة تابعة للأمم المتحدة، على جهوزية للانتشار في المغرب.

لكنّ مؤسس منظمة الإغاثة «منقذون بلا حدود» أرنو فريس ذكر أنّ فريق المنظمة عالق في مطار باريس، في انتظار الحصول على إذن من المغرب لدخول البلاد. وأضاف: «نعلم أنّ ثمّة حاجة ملحة جداً إلى إنقاذ الناس والبحث تحت أنقاض المباني»، مؤكداً أنّ «أشخاصاً يموتون تحت الأنقاض، ولا يمكننا فعل أيّ شيء لإنقاذهم».

وفي وقت تشهد العلاقات المغربية - الفرنسية توتراً بعدة ملفات، أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أن بلده حشدت كل الفرق الفنية والأمنية لدعم المغرب عندما توافق سلطات الرباط. وقال ماكرون، إن السلطات المغربية «تعرف بالتحديد ما يمكننا توفيره وطبيعته وتوقيت ذلك»، مؤكداً أنه «في اللحظة التي يتم طلب المساعدة، سيتمّ إرسالها وذلك يعود لتقييم سلطات المغرب الميداني».

إشادة

في السياق، أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، عن تقديره لـ «الموقف العروبي» الأصيل من الجزائر، بعد إعلانها فتح الأجواء مع المغرب لنقل المساعدات وإخلاء الجرحى بالمناطق المنكوبة رغم الخلافات والتوتر الذي يسود العلاقة بين البلدين. وأعلنت الجزائر انها اعدت خطة لدعم ومساعدة المغرب في حال وافقت الرباط على ذلك.