أختلف مع فكر «الإخوان المسلمين» بكل تفاصيله الصغيرة قبل الكبيرة، بل أذهب أبعد من ذلك في الاعتقاد أن مزج الدين بالسياسة فيه إساءة كبيرة للدين، خصوصاً أن التجارة بالدين أصبحت رائجة جداً في العقود الأخيرة، ولها محال ورخص ومزادات تقام بين الحين والآخر.

لكن هذا لا يعني أن أوافق على ما تقوم به بعض الأنظمة العربية من اعتقال الناس ووضعهم في السجون لمجرد أنهم «إخوان مسلمين» أو «سلف» أو «غيره» من تصنيفات سواء كانت حزبية دينية أم مدنية.

Ad

يعتقل الإنسان عندما يرتكب جرماً مادياً كالقتل أو السرقة أو أي شيء فيه ضرر للناس، ويحاكم على هذا الأساس، لكن التفكير والاعتقاد وإن اختلفنا معه، مباح إلى أن يتحول إلى جريمة.

الكارثة الكبرى أن يقوم بالتحريض على اعتقال الناس من يدّعون الفكر المدني، بأن يذهب بعضهم إلى السلطة في بلده لاعتقال الناس بهذا السبب!

أدرك أن البعض يعتبر أن إرث «الإخوان المسلمين» قائم على العنف، وأدرك أيضاً أن ممارساتهم تؤكد هذا الاعتقاد، لكن هناك تفاوت حسب الدول، ففي الكويت مثلاً «الإخوان» هم حزب السلطة المدلل والمناصب والمنافع تعطى لهم بغير حساب، في المقابل يقوم الحزب بإنقاذ الشخصيات المحسوبة على السلطة، وهذا ما شهدناه في العديد من الاستجوابات التي قُدمت في السنوات الأخيرة.

اعلم يا صديقي الحزبي والسياسي والناشط أن من يقبل أن يُعتقل خصمه السياسي اليوم بدون جرم مادي مشهود، بل مجرد اختلاف في الفكر، سيعتقل هو في الغد، لأن حكوماتنا العربية من المحيط إلى الخليج خير من يستخدم السلطة لشهواته غير المحمودة، فالانتباه واجب والحفاظ على المبادئ مطلوب، والتشجيع على اعتقال «الإخوان المسلمين»، بل التطبيل له بدون أي جريمة مادية، ولكن بسبب الاعتقاد، كارثة ستعانيها أنت مستقبلاً، وكل ما أخشاه أن تنطبق علينا المقولة الخالدة «أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض».

فهل وصلت الرسالة؟... آمل ذلك.