تعرض يومياً في المواقع والمجلات الإعلانية عشرات البقالات والدكاكين الصغيرة للبيع حتى أصبح تداولها والمضاربة بها تجارة رائجة بحد ذاتها، فتتغير ملكياتها بشكل دوري ومستمر لدرجة تصل أحياناً أن أغلب الباعة العاملين فيها لا يعرفون رب عملهم الجديد إلا بعد أن يأتيهم الأجدد منه ليستلم الأمانة.

نحن في هذه البقعة من الأرض لم نرزق بجمال الطبيعة السويسري أو النمساوي، ولا بالعقليات اليابانية أو الألمانية الفذة والصارمة بطبيعتها، ولا بقوة تحمل وصلابة الباكستانيين أو الأفغان، فهذه كلها مواهب لا يد لنا فيها ولا نعول على وزارة التعليم على المدى المنظور لإصلاح ما لنا يد به، لكن سبحانه وتعالى لا ينسى عباده وهو خبير بهم فرزقنا في المقابل، ربما تعويضاً عن تعب الرجال الأولين، بنفط لا نفع لنا به كذلك إلا بواسطة اختراعات بقية البشر وحاجتهم له، وسخر لنا أميراً راحلاً ذا رؤية مستقبلية ودراية بطبيعة وظروف البلاد «الجيوسياسية» فأنشأ أول صندوق ثروة سيادية للاستثمارات الخارجية في العالم وذلك لإدارة الفوائض والاحتياطيات المالية بغرض إيجاد مصدر بديل أو رديف للنفط وضماناً لمستقبل الأجيال القادمة الذين لن تنفعهم كنوز الدنيا إذا ما استمر مستوى التعليم على ما هو عليه، لكن هذه قصة أخرى.

Ad

فإذا كان من الطبيعي في عمل البقالات أن يتم تدوير البضائع بين الرفوف لزيادة المبيعات وتقديم القديم وتأخير الجديد وغيرها من الحيل التسويقية حسب مزاج صاحب البقالة أو البائع ومدى علاقتهم بالموردين وطبيعة السوق، فإن مثل ذلك التعاطي البسيط لن يصلح بالتأكيد مع مورد رزق دولة وشعب كامل، فالهيئة ليست بقالة، والكويتيون ليسوا زبائن، والميزانية ليست بيعاً على «النوتة».