الخوف هو أن تشكيل هذه الحكومة سيزيد من «جيلة» (كمية) الترضيات السياسية، وتبيع بالتالي الوهم للناس تحت ذريعة أن راحة المواطن ورضاه هما غاية الحكومة. حكاية الترضيات السياسية ونحر الاقتصاد ليست مسألة جديدة على السلطة، فهي حالة موجودة ومستقرة منذ عهود قديمة بقدم تصدير النفط وخلق الدولة الريعية غير المنتجة كنتيجة حتمية لهذا الواقع.

الجديد اليوم أن هذه الحكومة لها غطاء شعبي نسبي من أكثرية أعضاء المجلس «شبه النيابي» على خلاف الحكومات التي سبقتها، وهي أكثرية ليس لها شأن بالاقتصاد بقدر ما يستولي عليها أحلام تسديد فواتير الشعارات الانتخابية، وبالتالي فلن تقدم مثل هذه الحكومة على تقديم وصفة دواء مرة لإصلاح الاقتصاد المعتمد على مصدر وحيد للدخل، بقدر ما يهمها متابعة تلقي آيات الشكر من النواب واستحسانهم.

Ad

قبل فترة نشرت صحيفة الراي بيان الجمعية الاقتصادية الكويتية، والذي حذر من استمرار هذا النزف الاقتصادي، وأكد أن «الكويت تخلفت بشكل واضح عن ركب الدول الخليجية في تنويع أنشطة اقتصادها وأن بداية الحلول هي ألا يلتفت رئيس الوزراء لنافخي الكير في الكويت». ونبه بيان الجمعية هؤلاء النافخين بأن يتقوا الله في بلدهم الذي يتجه للهاوية بسبب تصرفات هوجاء خصوصاً على الصعيد الاقتصادي في قضايا تبديد الثروة، فقط في آخر عشر سنوات تم حرق 200 مليار دولار فائضاً في الميزانية... «وانتقد البيان بقسوة عدم شفافية الهيئة العامة للاستثمار» التي تحسب نفسها أنها تدير أموالاً خاصة لشخص أو شركة.

يجب ألا يفهم أن هذا الخطاب يصدر من أفراد يجلسون في أبراج عالية، وينظرون لمعاناة المواطن من ثبات دخله وغلاء الأسعار واستحالة شراء أرض بسعر معقول (لطبيعة الاحتكار) لبناء مستقبل عائلته من باب «لماذا لا يأكل الشعب الكعك... إذا لم يجد خبزاً»، كما ينسب لماري أنطوانيت ـ حقيقة أو كذباً ـ زوجة الملك لويس الـ16، وهي تشاهد غليان وثورة الجياع قبيل ثورة 14 يوليو الفرنسية.

إذا كانت هناك عزيمة وجدية في الإصلاح فلتبدأ السلطة بالأثرياء قبل متوسطي الدخل ومحدوديه، فلتكن هناك ضرائب بكل أنواعها على الكبير والمتنفذ قبل الصغير والبسيط، ولتكن هناك إرادة صلبة لإعادة تسعير إيجار أراضي الدولة وغير ذلك من أمور... لكن هل سنصدق بأن أياً من هذا سيحدث غداً مع حكومة شعارها «يا دهينه لا تنكتين»...! مسألة صعبة في ظلال ثقافة دولة «يا رب لا تغير علينا...». لننتظر ما سيحدث خلال الأيام القليلة القادمة.