مقدار كلمات الشكر وكمية الثناء التي وجهت للحكومة ورئيسها خلال فترة الصيف هو الدافع الأول والأخير لكتابة هذا المقال، والتي ما زلت أتذكرها جيدا وأتذكر رأيي الذي ما زلت متمسكا فيه (فنتفاءل ولكن بحذر!!). حقيقة الأمر أن الحكومة تستحق الثناء والشكر طبعا وليس هذا انتقادي بل أحب أن أسلط الضوء على المبالغات في المسألة هنا، كذلك فإن حقيقة المسألة لا تخفى على القراء والتي أستغرب شخصيا منها ومما حصل إثر بعض التحركات لبعض القضايا (الملحة وغيرها) والإيجابية للحكومة خلال فترة الصيف، لكن أوليس هذا من واجبها ومن صميم عمل الوزراء والقياديين أصلا، كل حسب موقعه؟!!

بالطبع الإجابة عن هذا هي (نعم)، لكن وببساطة فالشعب متعطش الى أي إنجاز مهما كان بسيطاً، ومن صلب حقوقه، ولو كان هذا الإنجاز على شكل زيادة أو تحرك ضئيل أو إحالة أحدهم الى التقاعد!!

إذاً فلنستذكر الأيام الخوالي مع بدايات تلك الجائحة الملعونة (كورونا) وكيف كان الناس في الشارع الكويتي والتجمعات والدواوين ووسائل الإعلام الإلكتروني يمجدون ويطبلون للحكومة السابقة وقراراتها آنذاك؟ أولم يكن كل فريق حكومي جديد مع رئيس جديد للوزراء (مع حفظ المسميات والألقاب) إصلاحياً وجيداً وحبيباً للشعب وعلى هواه، إلى أن تنتهي المسألة بالمطالبة برحيله؟! ومن الجهة الأخرى، هل يمكن أن يكون الموضوع كله وببساطة انتقاداً سياسياً لمجرد الانتقاد والعداء للسلطات التنفيذية والقيود لمجرد العداء لتلك التصرفات، أم أن الناس فعلا لامست وأحست بضرر بعض القرارات وخلافه وتأثيرها على حياتها اليومية؟!! بالطبع وبدهي جداً أن الموضوع ليس مسألة شخصية بتاتا وعداء للسلطة ولا يتعلق بالأسماء ولا الوجوه، لكن الوضع السياسي في الدولة بحاجة إلى إعادة تقييم واصلاحات عدة، ولعل أكبر مؤشر على اعتلال واختلال الموازين هو متابعة الشارع الكويتي للأمور السياسية وعن كثب كذلك، ففي كل بقاع العالم تجد المواطن يولي السياسي مهامه ويمارس حياته بشكل طبيعي، وعليه يكون قد أدى دوره، طبعا هذا إلا في الكويت تجد المواطنين (أو أغلبهم) يراقبون الأوضاع العامة والأمور السياسية عن كثب خوفا من قادم الأيام وما تحمله من مفاجآت ولا يكتفون بإيصال من يمثلهم من الساسة.
Ad


حسنا، وماذا بعد كل ذلك؟! عقدت الانتخابات وأبلت السلطة التنفيذية بلاء حسنا في إدارتها، وبعد دخول الفصل التشريعي الآن نجد أن معظم التحركات والقرارات جيدة وتصب في المصلحة العامة، ومع هذا كله نجد أن المواطن البسيط ما زال يتوجس في نفسه خيفة ويترقب أي اختلال مرة أخرى في موازين التجاذبات السياسية، ذلك لأنه وببساطة أصبح فاقداً الثقة ولمدة طويلة بأي تحرك حكومي.

الخلاصة هنا وببساطة، أني لا أرى سببا حقيقيا للاستبشار والفرح لأننا في هذه الحالة لسنوات طويلة ومن دون آلية أو معيارية واضحة لأي شيء، فلن أبتسم شخصيا أو أتفاءل إلا إذا رأيت إصلاحات سياسية أمام عيني غير مرتبطة بالأسماء والوجوه بل مرتبطة بإصلاح النظام السياسي، ووضع خطة وبرنامج عمل مستقبلي يفيد البلد حقيقة وفي مواقيت معروفة قابلة للقياس والتطبيق. ولعل الفرصة الذهبية الآن للحكومة تتمثل باستغلال برنامج عملها القادم على أن يكون موائماً للحالة الكويتية متضمنا إصلاحات اقتصادية وسياسية حقيقية من جهة، ومن جهة أخرى تسكين الشواغر القيادية التي فاقت المئة منصب على مستوى الدولة، ولكن وبرأيي الشخصي، على الحكومة الآن أن تستغل هذه الشواغر وأن تخفف من الأعباء على كاهلها في إلغاء بعض الهيئات والمؤسسات ذات الطبيعة المتشابهة في العمل، وتمكن القياديين الأكفاء مع موجة الإصلاحات التي أشرت إليها.

على الهامش:

خرج علينا خبر في الأسبوع الماضي فحواه أن الوزراء عاودوا استقبال معاملات النواب مرة أخرى بعد توقف دام قرابة الثلاثة أشهر!! يختصر هذا الخبر إن صح كل المخاوف التي (تستوطن) قلوب المواطنين ممن كانوا يأملون مضي عجلة النظام العام بكل شفافية.