نفق جديد من التوتر دخلت إليه العلاقات بين إيران وروسيا، بعد اتفاق الأولى مع الولايات المتحدة حول تبادل السجناء والإفراج عن أرصدة مالية إيرانية مجمدة، وتوقيع روسيا على البيان المشترك مع دول مجلس التعاون الخليجي الذي يطالب طهران بالتفاوض مع الإمارات أو اللجوء للتحكيم الدولي بشأن الجزر الثلاث المتنازع عليها.

وكشف مصدر رفيع، في مكتب الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي لـ «الجريدة»، أن روسيا علّقت أخيراً، تصدير شحنات البنزين والمازوت التي كانت تزود طهران بها، رداً على وقف إيران تصدير قطع المسيرات التي تحتاج إليها موسكو.

Ad

وحسب المصدر، فإن الاتفاق الأميركي - الإيراني والبيان الروسي - الخليجي تسببا في توتر غير مسبوق بادرت إيران على أثره إلى وقف تزويد موسكو بقطع إلكترونية ومحركات طائرات مسيرة، متذرعة بأنها تواجه مشاكل في تأمينها.

وأضاف أنه رداً على الخطوة الإيرانية، قامت روسيا بوقف نقل شحنات البنزين والمازوت إلى إيران، كما طلبت من تركمانستان وكازاخستان أن تحولا إليها كميات البنزين والمازوت التي كان البلدان يخصصانها لإيران، وفق اتفاق خاص، بحجة أن الأولوية بالنسبة لموسكو الآن هي تأمين الوقود الذي تحتاجه الآلة العسكرية الروسية في أوكرانيا.

وذكر أن نائب وزير الخارجية الروسية سيرغي ريباكوف نقل، خلال زيارته الأخيرة لطهران الأسبوع الماضي، عتب القيادة الروسية من الصفقة الأميركية - الإيرانية، التي اعتبرت موسكو أنها تمت على حسابها، مشيراً إلى أن المسؤولين الإيرانيين الذين التقاهم ريباكوف شددوا على أن إيران لا يمكن أن تفرط في علاقاتها مع روسيا، لكنه لا مصلحة لإيران في الانخراط بالحرب الأوكرانية، تماماً كما تقول روسيا إنه لا مصلحة لها في الانخراط بمواجهة مع إسرائيل في سورية، وبالتالي يجب على موسكو أن تتوقف عن محاولة جر إيران إلى الحرب الأوكرانية.

وأضاف المصدر أن الجواب الإيراني يبدو أنه لم يقنع ريباكوف ولا المسؤولين في موسكو، ولذلك لا يزال تعليق شحن النفط الروسي إلى إيران سارياً حتى الآن.

وكانت إيران وروسيا قد اتفقتا على أن تتسلم طهران ما يصل إلى 20 مليون لتر من البنزين والمازوت من موسكو ودول آسيا الوسطى يومياً، في عملية swap للوقود بحيث تقوم طهران بموجبها بتصدير ما يعادل نصف الكمية عبر الخليج وتستخدم النصف الآخر في الداخل.

وبسبب القرار الروسي بتعليق هذا الاتفاق، بدأت إيران تواجه شحاً كبيراً في الوقود في الأسابيع الأخيرة، حيث إن صفوفاً كبيرة بدأت تظهر أمام محطات الوقود، خصوصاً أن وزارة النفط حدت من تسليم البنزين للسيارات عند سقف 40 لتراً لكل تعبئة.

وأصبح على المواطنين الإيرانيين الانتظار ما يزيد على الساعة في الصف على الأقل كل مرة يريدون إعادة ملء خزانات سياراتهم بالوقود، الأمر الذي أدى إلى ازدياد الغضب الشعبي.

وحسبما أكد المصدر، فإن نائب الرئيس الإيراني أصدر قراراً سرياً لوزارة النفط كي توقف صادراتها من البنزين والمازوت، ومحاولة زيادة الإنتاج، حتى التوصل إلى حل للأزمة، مضيفاً أن رئيسي نفسه أمر أيضاً بدفع قسم من مستحقات مصافي البترول العاملة في إيران، لإقناعها بإنتاج البنزين والمازوت الذي تحتاجه البلاد.

وحسب القانون، الذي أصدره مجلس الشورى الإسلامي الإيراني منذ حوالي 15 عاماً فإن الحكومة يجب أن تقوم ببيع الوقود بما يعادل سعره في دول الخليج وتقوم بزيادة سعره بشكل تدريجي كل عام، لكن الحكومات الإيرانية المتتالية علقت تنفيذ هذا القانون كي لا يؤدي الأمر إلى مشاكل اقتصادية واحتجاجات، خصوصاً أن البلاد واجهت احتجاجات ضخمة عمت أرجاء البلاد عام 2019 عندما قررت الحكومة زيادة سعر الوقود لأول مرة بعد 10 أعوام من إصدار القانون.

وتقوم الحكومة الإيرانية بتأمين البنزين لمواطنيها بسعر يعادل 3 سنتات لكل لتر بنزين بمعدل 60 لتراً شهرياً، وإذا ما أراد المواطن أكثر من 60 لتراً يجب أن يدفع 6 سنتات للتر، وبسبب اختلاف سعر الوقود بين إيران ودول الجوار فإن هناك عمليات تهريب ممنهجة تجري من إيران للوقود، وحسب ما صرح به وزير النفط الإيراني السابق منذ 6 أعوام فإن متوسط البنزين الذي يتم تهريبه من إيران يصل إلى ما يزيد على 5 ملايين لتر يومياً.