أعلم أننا في مجتمع لديه تباينات سياسية كبيرة، خصوصاً في القضايا الداخلية، لكن عندما يتم النقاش حول قضايانا الخارجية تشعر أن الأغلبية الساحقة من الشعب تسلم بأن من حق الحكومة أن تبادر في التعامل معها لأنها موثوقة ويمكن الاعتماد عليها خارجياً.

هذه السمعة لم تأت من فراغ، فقد ساهم هذا البلد الصغير ومنذ عقود من الزمن في إطفاء حرائق كادت تعصف بالمنطقة، فكلنا يذكر أزمات الخليج المتتالية، وكلنا يذكر الملف اللبناني والمشاكل التي رافقت نشأة بنغلادش في عام ١٩٧١، والأزمة بين تركيا وبلغاريا عام 1988 ، وكلنا يذكر المؤتمرات التي ساهمت في تخفيف معاناة الإنسان في سورية والعراق واليمن وغيرها من بقع العالم، وكلنا يذكر مبادرة الراحل الشيخ جابر الأحمد بإسقاط الديون عن الدول الفقيرة من فوق منبر الأمم المتحدة أواخر الثمانينيات من القرن الماضي.

أفتخر أنني أنتمي إلى بلد كان وما زال وسيظل يرسل القلم والكشكول والكتاب ويبني المدارس والجامعات والمستشفيات لتعليم الناس والمحافظة على حياتهم، ولا يرسل الدبابة والمدفع والرشاش لإشعال الحروب.
Ad


أفتخر أنني أنتمي إلى بلد ينشر السلام والمحبة، ويحترم الإنسان، أي أنسان، فوساطاتنا لم توجه لمصلحة دين أو طائفة أو قبيلة أو عرق، بل للإنسان، أي إنسان، مدركين أن أفضل ما نفعله هو أن نشعل شمعة تضيء دروب الآخرين، وأن نساهم في التخفيف من حالة الإحباط التي أودت بحياة الآلاف من الشباب العرب الذين ابتلعتهم مياه البحر الأبيض المتوسط في محاولاتهم للهروب من بلدانهم إلى الأراضي الأوروبية.

كل هذا التاريخ أدى إلى اكتسابنا ثقافة دبلوماسية لدرجة أن جميع الدول تتقبل وساطاتنا لحل مشاكلها مع جيرانها أو في حروبها الداخلية.

كل ما أرجوه من الوزير الجديد الشيخ سالم عبدالله الجابر الصباح أن يسير على النهج نفسه لمن سبقوه في أن يضع نصب عينيه ثقافة أن الإنسان هو الإنسان بمعزل عن أي شيء آخر.

فهل وصلت الرسالة؟ آمل ذلك.