رغم المؤشرات على تقهقر روسيا في واحدة من أكثر مناطق القتال في أوكرانيا، طالبت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن سراً الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بالانفتاح على التفاوض مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، والتخلي عن رفضه العلني للمشاركة في محادثات سلام إلا بعد إزاحته عن السلطة.

وذكرت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، أمس الأول، أن مسؤولي إدارة بايدن يشجعون نظراءهم الأوكران على التلميح بالانفتاح على التفاوض، رغم تأكيد وزارة الخارجية الأميركية أن موسكو تصعد الحرب وليست راغبة بجدية في المشاركة في محادثات سلام.

ونقلت الصحيفة أن الطلب الأميركي لا يهدف إلى الضغط على أوكرانيا للجلوس إلى طاولة المفاوضات، إنما محاولة محسوبة لضمان أن تحافظ كييف على دعم دول أخرى، موضحة أن إدارة بايدن وأوكرانيا أقرتا بأن رفض زيلينسكي إجراء محادثات مع بوتين تسبب في قلق في أجزاء من أوروبا وإفريقيا وأميركا اللاتينية، حيث تشعر تلك المناطق بأكبر تبعات للحرب على تكلفة الغذاء والوقود.
Ad


وقال مسؤول أميركي: «الإرهاق من تبعات الملف الأوكراني حقيقة واقعة بالنسبة لبعض شركائنا».

ووقع زيلينسكي مرسوماً في الرابع من أكتوبر يعلن فيه أن آفاق أي محادثات أوكرانية مع بوتين «منعدمة» لكنه ترك الباب مفتوحاً لإجرائها مع روسيا.

فلس واحد

وفي حين أكد مستشار الأمن القومي جيك سوليفان، خلال زيارة لكييف يوم الجمعة، أن دعم أوكرانيا سيظل «ثابتاً وراسخاً» بعد انتخابات التجديد النصفي للكونغرس غداً، هددت النائبة الجمهورية مارغوري تايلور غرين، بأن كييف لن تتلقى فلساً واحداً آخر من واشنطن إذا استعاد الجمهوريون السيطرة على الكونغرس.

وأعلنت الولايات المتحدة قبل ايام مساعدات أمنية إضافية لأوكرانيا قيمتها 400 مليون دولار، مما رفع القيمة الإجمالية إلى أكثر من 18.2 مليار دولار منذ بدء الغزو.

واتهمت غرين في تجمع حاشد بولاية أيوا، الخميس، الديموقراطيين بأنهم لا «يهتمون بحدود وشعب» الولايات المتحدة، مشيرة إلى أن «الحدود التي يهتمون بها هي أوكرانيا، وليس الحدود الجنوبية للولايات المتحدة».

وهذه ليست المرة الأولى التي يدلي فيها جمهوريون تصريحات تتعلق بأوكرانيا، إذ كان زعيم الأقلية في مجلس النواب كيفن مكارثي قد صرح في أكتوبر أن «حزبه لن يوقع شيكاً على بياض» لأوكرانيا.

الإيرانيون والمسيرات

على الأرض، شدد زيلينسكي على أنه يعلم على وجه اليقين أن مختصين إيرانيين يدربون «الإرهابيين الروس» على استخدام الطائرات المسيرة، وأشار إلى أن حكومته تنتظر أنباء سارة فيما يتعلق بإدخال أنظمة الدفاع الجوي والصاروخي.

سد كاخوفكا ومعركة خيرسون

وفي الميدان، أفادت خدمات الطوارئ الروسية بأن سد نوفا كاخوفكا الاستراتيجي الذي تسيطر عليه قواتها بمنطقة خيرسون أصيب بأضرار جراء قصف القوات الأوكرانية له بصاروخ هيمارس الأميركي.

وحذرت أوكرانيا في الأسابيع القليلة الماضية من أن قوات موسكو تعتزم نسف المنشأة الاستراتيجية للتسبب في فيضان. ثم نقلت وكالة «ريا نوفوستي» عن مسؤول محلي معين من موسكو أن الأضرار ليست «خطيرة».

وسيطرت قوات موسكو على سد كاخوفكا الكهرمائي بجنوب أوكرانيا في بداية الهجوم. ويؤمن السد المياه للقرم التي ضمتها موسكو، وعند منبع يقع خزان كاخوفكا على نهر دنيبر. وتبلغ سعة الخزان 18 كلم مكعب من المياه. وقالت كييف إن فيضان السد يمكن أن يسبب «كارثة على نطاق هائل» ودعت إلى نشر بعثة دولية في منطقته.

إلى ذلك، نائب رئيس الإدارة الموالية لروسيا في خيرسون كيريل ستريموسوف، إن الجيش الأوكراني يحشد عدداً كبيراً من الدبابات والعربات المدرعة على مشارف المنطقة. وأضاف أن «إجلاء السكان إلى الضفة الغربية من نهر دنيبرو والمناطق الروسية الأخرى مستمر، ولايزال بإمكان المواطنين في المدينة مغادرة الضفة الشرقية بحرية».

وفي أحدث مؤشر على التقهقر، صدق بوتين للمرة الأولى يوم الجمعة على إجلاء المدنيين من أجزاء من خيرسون، في عملية تشمل منطقة عازلة بعرض 15 كلم.

وخيرسون هي المدينة الكبرى الوحيدة، التي سيطرت عليها روسيا منذ بدء الغزو في فبراير. وستشكل خسارتها واحدة من أكبر الضربات لها.

وجرى تداول صور على الإنترنت تظهر المبنى الإداري الرئيسي في خيرسون، ولم يعد العلم الروسي مرفوعاً فوقه. وعبرت كييف عن قلقها من خديعة لاستدراج قواتها لكمين.

وفي العاصمة، حذر العمدة فيتالي كليتشكو من انقطاعات للكهرباء وفي إمدادات المياه والتدفئة، بسبب الغارات الروسية على شبكة الكهرباء. ووصف ذلك بأنه «أسوأ سيناريو يسعى له العدو حتى نموت جميعاً».