على وقع تصاعد التوتر منذ إنهاء العمل باتفاقية تصدير الحبوب عبر البحر الأسود الاثنين الماضي، اتهمت روسيا، أمس، الجيش الأوكراني بالهجوم على العاصمة موسكو وشبه جزيرة القرم بنحو 20 طائرة مسيّرة، في وقت واصلت لليوم السابع على التوالي ضرب مدينة أوديسا الساحلية الاستراتيجية.

وأوضحت وزارة الدفاع الروسيّة أن وسائل الحرب الإلكترونية أحبطت هجوماً إرهابياً بطائرتين بدون طيار شنته أوكرانيا على موسكو، مؤكدة أنها تصدت لجميع هجمات كييف على مختلف المحاور وأسقطت إجمالاً 35 مسيّرة ودمرت العشرات من نقاط القيادة ومخازن الأسلحة وقضت على أكثر من 600 عسكري.

Ad

ووفق عمدة موسكو سيرغي سوبيانين، فإن الطائرتين استهدفتا مبنيين غير سكنيين في العاصمة حوالي الساعة 4 فجر أمس، مما أدى لتضررهما وإغلاق المنطقة.

وبحسب وكالة تاس فإنّ إحدى المسيّرتَين تحطمت في شارع كومسومولسكي بروسبكت، قرب وزارة الدفاع، وأصابت الأخرى مركزاً للأعمال في شارع ليخاتشيفا قرب أحد الشوارع الدائرية الرئيسية في موسكو.

وتبنى مصدر في وزارة الدفاع الأوكرانية الضربة، مؤكداً أن «الهجوم بمسيّرتين على موسكو اليوم (أمس) كان عملية خاصة نفذها جهاز الاستخبارات العسكرية» التابع للجيش.

واعتبرت وزارة الخارجية الروسية أن «هذه الأحداث بمنزلة لجوء جديد لأساليب إرهابية لترهيب المدنيين»، متهمة «الغرب بالوقوف خلف الأعمال الوقحة لكييف والسعي لزيادة تفاقم الوضع وروسيا تحتفظ لنفسها بحق اتخاذ اجراءات رد قاسية». وشدد نائب رئيس مجلس الأمن دميتري ميدفيديف على «ضرورة اختيار أهداف غير عادية للضربات الروسية، لا تقتصر فقط على مواقع التخزين ومراكز الطاقة ومحطات الوقود، بل تشمل أيضا أماكن أخرى لا يتوقعونها بما يحدث تداعيات وتأثيراً كبيراً جداً عليهم».

وقال ميدفيديف: «نظراً إلى فشل هجومهم المضاد، «يلجأ أوغاد بانديرا بشكل متزايد إلى شن ضربات دنيئة ضد أهداف سلمية ومدنية. أتباع بانديرا يختارون بشكل متزايد أهدافاً سلمية لهجماتهم الحقيرة، ويجب على الجميع أن يكونوا مستعدين لذلك».

ورغم تعرضها لعدة هجمات بمسيّرات هذه السنة طالت «الكرملين» في مايو ومطار فنوكوفو الدولي في يوليو، لم تستهدف موسكو ومنطقتها بمسيرات منذ 3 أسابيع.

ويأتي الهجوم بعدما توعّد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بردّ انتقامي على الضربات المستمرة على أوديسا منذ إنهاء روسيا العمل باتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود يوم الاثنين الماضي، خصوصاً الهجوم الليلي العنيف بـ 19 صاروخاً، الذي دمر، أمس الأول، قسماً من كاتدرائية التجلي التي يزيد عمرها على 200 عام وأصاب 25 من المعالم الأثرية وأوقع قتيلين و22 جريحاً بينهم 4 أطفال.

القرم وأوديسا

في سياق التصعيد المتواصل، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أيضاً إحباط محاولة أوكرانية لتنفيذ هجوم إرهابي باستخدام 17 مسيّرة على أهداف في أراضي شبه جزيرة القرم، مؤكدة أن وسائل الحرب الإلكترونية وأنظمة الدفاعات الجوي أسقطت 11 منها في البحر الأسود.

وأكد الحاكم الروسي للقرم سيرغي أكسينوف أن إحدى المسيرات استهدفت مخزناً للذخائر في منطقة دجانكويسك في شبه الجزيرة. كما تضرر منزل خاص في منطقة كيروف جراء سقوط الشظايا.

في المقابل، استهدف الجيش الروسي بهجوم جديد بالمسيّرات الإيرانية الصنع البنية التحتية للموانئ الأوكرانية في منطقة أوديسا الاستراتيجية للنقل البحري، ودمر صومعة حبوب. وقال الجيش الأوكراني: «العدو يواصل ترهيب أوديسا، وهذه الليلة، استهدف هجوم استمر 4 ساعات بمسيّرات شاهد-136 البنية التحتية للموانئ، وأصيب 4 عمال في المرفأ». وأضاف: «دمرت قوات الدفاع الجوي 3 مسيّرات». وأعلنت إدارة مقاطعة سومي الأوكرانية إسقاط قوات الدفاع الجوي مسيرة هجومية إيرانية من طراز «شاهد».

نقل المتفجرات

وأعلنت هيئة الأمن الفدرالي الروسي العثور على آثار متفجرات ثنائي نيتروتولوين وتيتريل في سفينة شحن أجنبية كانت في طريقها من تركيا إلى ميناء روستوف على بحر آزوف، لشحن الحبوب، مؤكدة أنها كانت في نهاية مايو بميناء كيليا الأوكراني، وفي يوليو دخلت ميناء توزلا التركي، حيث تم تغيير طاقمها المكون من 12 أوكرانياً، وتغيير اسم سفينة الشحن وعبورها مضيق كيرتش.

قال المتحدث باسم «الكرملين» دميتري بيسكوف إن آثار المتفجرات التي تم العثور عليها على متن السفينة الأوكرانية المحملة بالحبوب تشير إلى وجود خطر على جسر القرم، وهذا يتطلب يقظة مستمرة.

وبعد نحو شهرين على بدء الهجوم المضاد، أعلنت نائبة وزير الدفاع الأوكراني غانا ماليار، أمس، استعادة 227 كلم من القوات الروسية، مبينة أن القوات الأوكرانية حررت 192 كلم في القسم الجنوبي من الجبهة 35 حول مدينة باخموت. ومن بين هذه المساحة 12 كلم تم تحريرها الأسبوع الماضي.

من جهته، وقّع الرئيس فلاديمير بوتين قانون رفع سقف أعمار العسكريين الاحتياطيين 5 سنوات من أول يناير 2024، لمن تقل رتبهم عن الضباط. ويرفع القانون سن الجنود والبحارة والرقباء وضباط الصف الاحتياطيين من الفئة الأولى من 35 إلى 40 عاماً، والعسكريين من الفئة الثانية من 45 إلى 50 عاماً، والعسكريين من الفئة الثالثة من 50 إلى 55 عاماً. وبالنسبة لكبار الضباط فسيكون الحد الأقصى للبقاء في احتياطي التعبئة حتى 65 عاماً، وبالنسبة لصغار الضباط 60 عاماً، أما بالنسبة للرتب الأخرى 55 عاماً، وأما بالنسبة للقيادات فيبلغ الحد الأقصى 70 عاماً.

في هذه الأثناء، كشفت مؤسسة روستيخ الحكومية الروسية أنها قامت بزيادة إنتاج نظام صواريخ إسكندر المجنحة، بمقدار مرتين ونصف (بنسبة 100%) من احتياجات «أمر دفاع الدولة» منذ بداية عام 2023»، مشيرة إلى أنه مقارنة بعام 2022، زادت إنتاج المنتجات في بعض المناطق بمقدار مرتين ونصف المرة».

وأفادت نائبة رئيس دائرة المخابرات الأوكرانية، فاديم سكيبيتسكى، بأن روسيا تسعى لزيادة انتاج الطائرات المسيّرة والصواريخ، وأوضحت أن الأوكرانية تستهدف عرقلة قنوات إمدادها بالمكونات الخارجية، التي يمكن استخدامها في تصنيع الأسلحة.