لليلة الثالثة على التوالي، شنّت روسيا ليل الأربعاء - الخميس ضربات جديدة على مدن ساحلية في جنوب أوكرانيا بينها أوديسا وميكولايف، الرئيسيتان في عملية تصدير الحبوب، في وقت حذّر البيت الأبيض من أنّ موسكو تدرس استهداف سفن شحن مدنية في البحر الأسود.

ووفق الجيش الأوكراني، فإن القوات الروسية أطلقت 19 صاروخاً واستخدمت 19 طائرة مسيرة، تم إسقاط خمسة من هذه الصواريخ و13 مسيرة.

Ad

وقال حاكم ميكولايف فيتالي كيم، إن 19 شخصاً أصيبوا ولحقت أضرار بعدد من المباني السكنية، في حين أكد حاكم أوديسا أوليه كيبر أن أحد حراس الأمن لقي حتفه وأصيب 8 بينهم طفل.

وكتب الرئيس فولوديمير زيلينسكي على تيليغرام «أوديسا. ميكولايف. الإرهابيون الروس يواصلون محاولاتهم لتدمير بلدنا. للأسف سقط عدد من الجرحى والقتلى، لكننا سنجتاز معاً هذا الوقت العصيب. وسنقاوم هجمات الشر»، مضيفاً: «الجميع قلقون من ترهيب روسيا ويجب إحالتها إلى القضاء».

وصعّدت روسيا هجماتها بالصواريخ والطائرات المسيرة على موانئ أوكرانيا على البحر الأسود والمناطق المحيطة بها منذ انسحابها يوم الاثنين من اتفاق توسطت فيه الأمم المتحدة وتركيا قبل عام يسمح بالمرور الآمن لشحنات الحبوب الأوكرانية.

وفي تهديد شديد أعقب ليلتين من القصف المتواصل على المرافئ الأوكرانية، أعلن الجيش الروسي أنه سيتعامل اعتباراً من منتصف ليل الخميس الجمعة مع جميع السفن المبحرة في البحر الأسود على أنها أهداف معادية تنقل معدات عسكرية إلى كييف، مؤكداً أن «الدول التي تحمل السفن أعلامها ستعتبر أطرافاً في الصراع».

بدورها، أعلنت أوكرانيا، أمس، أنّها ستعتبر أيّ سفينة في البحر الأسود متّجهة إلى موانئ روسية أو إلى أراضٍ أوكرانية تحتلّها روسيا، «سفناً عسكرية» محتملة، بدءاً من اليوم الجمعة، غداة قرار مماثل اتّخذته موسكو بشأن السفن المتّجهة إلى الموانئ الأوكرانية.

كذلك، «منعت» الوزارة، اعتباراً من أمس، الإبحار في المنطقة الشمالية الشرقية من البحر الأسود ومضيق كيرتش قبالة شبه جزيرة القرم التي ضمّتها روسيا عام 2014.

وحذر، المتحدّث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي آدم هودج أمس الأول من أن «الجيش الروسي قد يوسّع دائرة استهدافه لمنشآت الحبوب الأوكرانية لتشمل هجمات ضدّ سفن الشحن المدنية ومن ثمّ اتّهام أوكرانيا بشنّها».

وقال هودج: «روسيا زرعت ألغاماً بحرية إضافية عند مداخل الموانئ الأوكرانية في جهد منسق لتبرير أي هجمات ضد السفن المدنية في البحر الأسود وتحميل أوكرانيا مسؤوليتها»، مبيناً أن هذه المزاعم تستند إلى معلومات استخبارية رفعت عنها السرية.

وأشار هودج إلى نشر روسيا فيديو لقواتها تدمر «لغماً بحرياً أوكرانياً مزعوماً» الأربعاء. وأيدت الاتهامات الأوكرانية لها بتدمير «بنية تحتية زراعية و60 ألف طن من الحبوب» معدّة للتصدير.

وفي ظل سعي روسيا لتبديد آمال أوكرانيا بالاستمرار في تصدير الحبوب عبر البحر الأسود، وتكثيف جهود تسليح تجارة المواد الغذائية، حذّر الاتحاد الأوروبي أمس، من أزمة غذاء كبيرة وضخمة في أنحاء العالم.

وقال ممثل السياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد جوزيب بوريل: «روسيا تتعمد مهاجمة منشآت تخزين الحبوب في مدينة أوديسا وتدمر البنية التحتية للميناء كما أحرقت أكثر من 60 ألف طن من الحبوب»، مبيناً انه هو وزملاءه الأوربيين ناقشوا عواقب انسحابها من اتفاقية الحبوب.

وفي مقابل التصعيد الروسي، الذي شمل ضرب موانئ تصدير الحبوب في أوديسا، اقترح مستشار الرئيس الأوكراني ميخايلو بودولياك تسيير دوريات عسكرية دولية تحمل تفويضاً من الأمم المتحدة لضمان أمن صادرات الحبوب، بمشاركة دول محاذية مثل تركيا وبلغاريا.

ومع التحذير الأميركي ومغادرة الفريق الروسي مركز إسطنبول لتصدير الحبوب، قفزت أسعار القمح مجدداً لتصل مكاسبها على مدار ثلاثة أيام إلى 13 في المئة. ونتيجة لعرقلة روسيا منذ الاثنين الممر الآمن في البحر الأسود الذي تم التفاوض بشأنه لتصدير ملايين الأطنان من الحبوب الأوكرانية عبر سفن الشحن، قال تجار ومحللون إن المطاحن الآسيوية التي اشترت أكثر من مليون طن متري من القمح من منطقة البحر الأسود خلال الشهور المقبلة ستبحث عن بدائل مثل رومانيا وبلغاريا أو أستراليا، التي تملك مخزوناً من محصول العام الماضي.

وأضافت قيود الإمدادات من منطقة البحر الأسود المهمة المزيد من الضبابية وسط توقعات بأن تهدد ظاهرة النينو المناخية المحاصيل في أنحاء آسيا، الأمر الذي يفاقم المخاوف من تضخم أسعار الغذاء.

وفي إجراء تحوطي، مدد الرئيس فلاديمير بوتين أمد مرسوم صدر في شهر مارس 2022 يفرض قيوداً على تصدير السلع المصنعة والمواد الخام من روسيا حتى 31 ديسمبر 2025.

في غضون ذلك، أعلنت وزارة الدفاع البيلاروسية أمس، أنّ مقاتلي مجموعة فاغنر، الذين أُجبروا على مغادرة روسيا بعد فشل تمرّد زعيمهم يفغيني بريغوجين، سيتدرّبون مع قواتها الخاصة على مهمّات قتالية في موقع بريتسكي قرب الحدود مع بولندا.

وقبل ساعات، ظهر بريغوجين في مقطع فيديو وهو يرحب بمقاتليه في بيلاروسيا ويقول لهم إنهم لن يشاركوا الآن في حرب أوكرانيا، مؤكداً أن «ما يحدث في الجبهة حالياً هو وصمة عار ليس بحاجة إلى المشاركة فيها».

وطلب بريغوجين من رجاله تدريب الجيش البيلاروسي واستجماع قوتهم من أجل «رحلة جديدة إلى إفريقيا». وقال: «وربما سنعود إلى أوكرانيا في وقت ما عندما نكون على يقين من أننا لن نلحق بأنفسنا العار».