ما إن تحدث النائب الفاضل الدكتور محمد المهان في جلسة الأسبوع الماضي بلهجة قبيلته وأجداده حتى قامت الدنيا ولم تقعد.

ابتدأ أصحاب صكوك الوطنية بتوزيعها على أناس وحجبها عن آخرين، وبرزت لغة تخوين وألفاظ متوحشة تدل على ضيق أفق وحجم أزمة مجتمعية كبيرة محتاجة لأي فتيل لإشعالها.

Ad

النائب الفاضل يريد أن يكرس أن لقبيلته الكريمة لهجة خاصة يعرفها أغلب أهل الكويت، فما العجب، في الكويت لهجة يعرف بها أهل الفنطاس «القروية» ولهجة لـ«العيم» المنحدرين من أصول إيرانية ولهجة لـ«الحساوية» وأخرى لـ«الكنادرة»، وغيرهم من النسيج الاجتماعي الكويتي، فلماذا الحساسية المفرطة من حديث عضو مجلس أمة منتخب يريد أن يكرس لهجة قبيلته الكريمة التي لا يزايد أحد على وطنيتها في البلد؟!

المحزن أن من قام بالغضب والاستنكار للهجوم الذي تعرض له النائب المهان، قبل لنفسه في يوم سابق أن يتنمر مثلاً على عضو مجلس الأمة والوزير السابق د. رولا دشتي لأن لهجتها تميل ببعض مفرداتها إلى اللبنانية، لأن الأخت رولا عاشت جزءاً من حياتها في لبنان، ولأن والدتها الكريمة من أصول لبنانية.

التنمر في الكويت ليس وليد اليوم، بل موجود عند جميع الأعمار لدرجة أن بنتاً صغيرة في المرحلة المتوسطة انتحرت لأن زميلاتها في المدرسة كنّ يتنمرن عليها، وهو أمر مستمر منذ سنوات وسنوات، وبعض صوره تشق طريقها إلى السطح في وسائل الإعلام التقليدية ووسائل التواصل الاجتماعي، وبعضها يبقى طي الكتمان.

هناك التنمر ضد الوافدين الذي يصل الى الضرب أحيانا، وهناك التنمر ضد مواطنين لمجرد أنهم متجنسون، وهذا ما حصل منذ عدة أيام، عندما قام أحد المغردين بنشر تصنيف تجنيس بعض المواطنين، وأمعن في التنمر عليهم لمجرد أنهم متجنسون، وهناك تنمر ضد البدون وهناك وهناك.

السلطات المعنية في الدولة مطالبة بتطبيق أقصى العقوبات على من يثبت قيامه بالتنمر على أي إنسان ولو كان من أبسط الناس، لأن الكرامة الإنسانية واحدة، وكلنا لآدم وآدم من تراب.

ونشر هذا الخطاب المتنمر سيرفع مقدار الكراهية بين الناس، وهذا أمر خطير، ويهدد أمن هذا المجتمع، فليدرك الجميع أن للناس انتماءاتهم التي يعتزون بها، وهذا لا يؤثر على حبهم للكويت، بل يزيدهم تعلقاً بها وإن استخدموا لهجات خاصة بهم، ما يهمني كمواطن أن أجد أخي المواطن، بل حتى الوافد الذي يعيش على هذه الأرض معي في السراء والضراء، وأكاد أجزم أنه حال الأخ النائب الفاضل الدكتور محمد المهان. فهل وصلت الرسالة؟ آمل ذلك.