في خطوة تعد الأولى من نوعها منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية عام 1979، أصدر مدعي عام مدينة طهران قراراً باعتقال عدد من المتشددين الذين تجمعوا أمام مكتب العلاقات العامة للسلطة القضائية للاحتجاج على ما وصفه بـ «ضعف قرارات القضاة» ضد مخالفي قانون الحجاب الإلزامي وتفريق تجمعهم.

وجاء فض اعتصام أنصار التيار المتشدد، الذي كان يرمي للضغط على رئيس السلطة القضائية من أجل استصدار قرار إداري يجبر القضاة على التعامل بحزم مع السافرات، بعد 6 أيام من وقفة احتجاجية للمتشددين بمحيط البرلمان للمطالبة بإقرار قانون صارم يرفع عقوبة السيدات اللاتي لا يلتزمن بالحجاب إلى حد الجلد والإعدام.

Ad

وأكد مصدر مطلع في السلطة القضائية لـ «الجريدة» أن قرار المدعي العام جاء بعد أن شك بأن المعتصمين كانوا يحاولون إثارة الفوضى والشغب والتصادم مع مراجعي السلطة القضائية وتعطيل عمل مكتب العلاقات العامة، فيما بإمكانهم تقديم أي مطلب عبر القنوات الطبيعية للبرلمان أو القضاء.

وأشار إلى أن المدعي العام أصدر قراراً باعتقال رجل دين كان يحرض المتدينين على التجمع والتحصن وفرض رأيهم خارج الإطار القانوني، حيث بدأت الأجهزة الأمنية التحقيق معه.

ولفت إلى أن النتائج الأولية أظهرت أن الشيخ المتهم كانت لديه اتصالات متعددة مع جهات خارجية.

رفض التشهير

وشدد المصدر، وهو أحد مستشاري رئيس السلطة القضائية، على أن جميع أركان النظام في إيران متفقون على ضرورة فرض القوانين الشرعية، لكن تحت مظلة القانون لا خارجها، وأوضح أن القانون المعمول به في الجمهورية الإسلامية ينص على فرض غرامة مالية فقط على السيدات غير المحجبات، وما يطالب به أنصار التيار المتشدد هو «التشهير بالسيدات وجلدهن وإعدامهن».

وبعد 45 عاماً من الثورة الإسلامية وبدء فرض القوانين الشرعية الإلزامية تواجه إيران خلال الفترة الأخيرة موجة من المقاومة الشعبية ضد قانون الحجاب وفرض القوانين الشرعية بالقوة حيث بلغت ذروتها في سبتمبر من العام الماضي بعد وفاة شابة خلال احتجازها من شرطة الآداب بسبب مخالفتها لقواعد ارتداء غطاء الرأس.

ومثل عدم الالتزام بالحجاب في الآونة الأخيرة نوعاً من المعارضة الشعبية الاجتماعي للحكومة الإسلامية بقيادة رجال الدين.

ويطالب أنصار فرض قانون الحجاب الإجباري بالقوة بمعاقبة منتهكيه بتهمة معارضة النظام وحتى «محاربة الإسلام».

وحسب القانون الحالي، الذي تم إقراره منذ 30 عاماً، فإن السلطات القضائية يمكنها تغريم السيدات اللاتي لا يلتزمن بالحجاب بما يعادل ما بين دولار واحد إلى مئة دولار، وفي حال تكرر الأمر من السيدة بشكل متكرر يمكن للقاضي أن يصدر قراراً بسجنها لمدة تتراوح بين أسبوع و3 أشهر بحد أقصى.

وحسب مجمل الإحصاءات التي أجرتها الأجهزة الحكومية المختلفة، فإن كل الاستنتاجات تشير إلى أن أكثر من 90% من الإيرانيين يؤيدون تخلي الحكومة عن مشاريعها لفرض القوانين الشرعية بالقوة، مع السماح للجمهور باختيار نوع الزي لتفادي تحويله إلى قضية سياسية.

حل المشاكل

وأظهر احصاء أجرته وزارة الإرشاد منذ شهر تقريباً أن أكثر من 95% من الإيرانيين يطالبون الحكومة بالتركيز على حل مشاكلهم الاقتصادية وتكريس مواردها لذلك.

وفي آخر مشروع للميزانية أقره البرلمان رصدت حكومة الرئيس إبراهيم رئيسي ما يصل إلى 6 مليارات دولار أميركي للأجهزة والمؤسسات الحكومية والخاصة، ثقافية ودينية، وشرطة الآداب والمساجد بهدف الترويج لأفكار ومعتقدات الثورة الإسلامية، الأمر الذي أثار غضب العديد من الإيرانيين لأن عامة الناس يواجهون مشاكل اقتصادية جمة وكان من الأولى أن توجه تلك الأموال الضخمة لحل العديد من مشاكلهم الاقتصادية وإفساح المجال أمامهم لتبني الأفكار الدينية طوعية وتفادي الدخول معهم بصدامات، في ظل أزمات معيشية طاحنة، تبعدهم عن الدين.

والسبت الماضي، بين رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف أن نحو 30 منظمة حكومية، بخلافا الهيئات غير الحكومية، تستفيد من هذه الميزانية دون أن يكون هناك أي إشراف على كيفية صرف الأموال التي تتلقها وأين تذهب وخلال العقود الأربع الماضية نتيجة عمل هذه المؤسسات وكل الميزانيات التي صرفتها الحكومة كان ما دون الصفر.

من جهته، أكد رئيس لجنة إدارة المساجد الأسبوع الماضي أن ما يزيد على 45% من المساجد في إيران باتت خالية من المصلين نسبياً ولا يرتادها إلا شخص أو اثنين لإقامة الشعائر، في حين أن بيوت الرحمن كانت مملوءة عادة بالمصلين قبل الثورة الإسلامية التي أطاحت بالشاه محمد رضا بهلوي.

أموال العراق

إلى ذلك، دعا الإطار التنسيقي الشيعي صاحب الأغلبية في البرلمان العراقي، أمس، الإدارة الأميركية إلى الإطلاق الفوري للمستحقات المالية المترتبة عن استيراد الغاز الإيراني دون تأخير أو مماطلة.

وقال الإطار الشيعي، في بيان، إن العراق يشهد «أزمة باتت تثقل كاهل المواطن بسبب قلة التجهيز في ساعات الكهرباء في ظل الظروف المناخية الصعبة وارتفاع درجات الحرارة التي سجلت مستويات قياسية بلغت 50 درجة مئوية في محافظات البصرة والناصرية وذي قار».

وأوضح أنه «بعد المتابعة والتقصي واستيضاح الأسباب يدعو الإطار حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ومن خلال وزارة الخارجية إلى الاتصال بالجانب الأميركي وحمله على الإطلاق الفوري للمستحقات المالية لإيران وعدم استخدام هذا الملف سياسيا لتلافي انعكاساته السلبية على المواطن العراقي».

ويشهد العراق منذ مطلع يوليو الجاري تدنياً في إنتاج الطاقة الكهربائية على خلفية قيام السلطات الإيرانية بتقليص مبيعاتها للعراق من الغاز لتشغيل المحطات الكهربائية رغم تسديد جميع المستحقات المالية.

وتجدر الإشارة إلى أن رئيس غرفة التجارة الإيرانية العراقية، يحيى آل إسحاق، كشف الاثنين الماضي، أن بغداد أفرجت عن 10 مليارات دولار هي حجم الأرصدة الإيرانية هناك لشراء السلع غير المشمولة بالعقوبات الأميركية.