دائماً ما لفتتني كتابته المتقنة واهتمامه البالغ بأدق تفاصيل المادة الإخبارية لتخرج من بين أصابعه وحدة متكاملة مسبوكة ذات وزن موسيقي متناغم لأقول له إنه لا محالة متأثر بصناعة الموزاييك الدمشقي المعروف بجماليته وحرفيته.

ومن قال إن الصحافة ليست حرفة أو صنعة، بل هناك الكثيرون ممن أصبحوا منارات إعلامية وصحافية يشار إليها بالبنان، ولست أبالغ أن الزميل الصحافي ياسر السعدي، وهو قد أنهى باختياره رحلته الطويلة في وكالة الأنباء الكويتية (كونا) رئيس نشرة ومدرباً لأجيال متتالية أحد أبلغ الأمثلة على صاحب التجربة الفريدة، وممن تركوا أثراً كبيراً وتاريخاً يحكى بدقة صنعته وحرفته في عالم الحرف والكلمة، مفضلاً في هذا الشأن التفرغ إلى عمله سكرتيراً لتحرير جريدة «الجريدة».

Ad

فـ «الريس» أبو عمار كما كنت أحب أن أخاطبه دائماً كان بمنزلة الأب الروحي لكثير من الأجيال التي تعاقبت على إدارة التحرير في (كونا) وغالبا ما تراه منهمكاً في عمله، والزملاء خصوصاً المبتدئين منهم يتحلقون حوله لتعلم صناعة الحرف ورسمه وإعداد المواد الإخبارية على اختلافها بخبرته الطويلة الغنية عن التعريف بالنسبة لنا. ومنذ بدأت خطواتي الأولى في عالم الصحافة عبر «الجريدة» كان العزيز أبو عمار المعلم والمرشد والناصح لي ولباقي زملائي، وامتدت تلك العلاقة بعد انتقالي إلى (كونا) فكان خير معين على العمل وممهداً بخبرته بداية انطلاقة جديدة في هذا التحدي في عالم المتاعب، ولم يأل جهداً في تصويب الأخطاء والتوجيه بروح أبوية صادقة حريصة على نقل الخبرة، امتدت سنوات لجيل من الصحافيين الشباب، كنت ربما أنا الأكثر حظاً من بينهم من خلال زمالة هذه القامة في «الجريدة» و«كونا» وتعلمنا منه الكثير.

«أبو عمار»، مع تقاعدك الاختياري من (كونا)، لك من قلبي وروحي كل الشكر والعرفان وستبقى «الريس» الأستاذ والمعلم على طريق الحياة ما حيينا.