في البداية، قالت المستشارة التربوية والوكيلة المساعدة سابقاً في وزارة التربية منى اللوغاني، «إننا نشاهد الكثير من العنف الطلابي والتنمر داخل المدارس بأشكال متعددة، لذا نحن بحاجة إلى إدارة مدرسية قادرة على المتابعة مع الطلاب ومعرفة مشاكلهم، لأن هذا العنف والتنمر ليسا وليد اللحظة، بل دائماً ما يسبقهما احتكاكات ومناوشات». وأضافت اللوغاني: في كل فصل مجموعة طلاب وكل طالب قادم من بيت بثقافة وبأسلوب تربية مختلف عن الآخر، وكل طالب يملك شخصية مختلفة، ومن الطبيعي أن تحدث الخلافات بين الطلاب، وعلى المعلم داخل الفصل ملاحظة سلوكيات الطلاب ليميز من منهم يحمل صفات عدوانية.

وتابعت: لابد أيضاً أن تكون علاقة المعلم بالطلبة جيدة وأن يكون قريباً من الطلبة ويحتويهم ويستمع لهم، لأن بعض الطلبة قد يفتقدون إلى الأذن التي تستمع لهم داخل البيت، مستطردة: كما أن على المعلم أن يكون على علاقة وثيقة بمكتب الخدمة الاجتماعية والنفسية في المدرسة ليكون حلقة الوصل وينقل الصورة لما يحدث داخل الفصل، تحقيقاً للخدمة المرجوة من وجودهم.

أنشطة فنية أو رياضية
Ad


وأردفت اللوغاني: وعلى الأسرة أن تحرص على التواصل والمتابعة مع الإدارة المدرسية، وعلى المدرسة كذلك أن تحرص على التواصل مع أولياء الأمور واستدعائهم للمناقشة أو المتابعة إذا ما كانت هناك مشكلة ما، مؤكدة أن الإدارة المدرسية لها دور مهم في توفير نشاطات تساعد في تفريغ طاقات الطلاب بصورة إيجابية خلال الفرص، منها توفير أماكن لائقة لجلوس الطلاب لتناول فطورهم في أماكن مظللة أو من خلال توفير أنشطة فنية أو رياضية لتقليل العنف بين الطلبة.

وأشارت إلى أنه عند حصول مشكلة بين طالبين، فعلى الأسرة مراجعة المدرسة والتحقق مما حدث والأحداث التي أدت إلى الاشتباك بين الطرفين، وحين يحصل ولي الأمر على إجابات عن تساؤلاته هنا من الممكن أن يتم احتواء المشكلة، مردفة: ولكن حين لا يحصل ولي الأمر على الإجابات ولم يجد الحلول ويشعر بأنه لم يأخذ حقه، فقد يلجأ إلى تصعيد الخلاف لخارج أسوار المدرسة واللجوء للشرطة وقد يصل إلى المحكمة، مبينة أنه إذا ما لجأ ولي الأمر إلى الشرطة والقضاء، فهنا ينتهي دور المدرسة في احتواء المشكلة.

السلوك العدواني

من جهتها، قالت الاختصاصية النفسية في قسم علاج الحالات النفسية التخصصية في وزارة التربية شيماء اللامي، إن السلوك العدواني يكون موجهاً من فرد إلى آخر يستخدم فيه القوة والسلطة بشرط أن يكون هذا السلوك متكرراً ومستمراً وأن يلحق هذا السلوك الأذى بالأطراف الأخرى.

ولفتت اللامي إلى أن المجتمع يواجه تحديات كثيرة في عصر السرعة والتكنولوجيا والتغيرات السريعة فهو يرغب في ملاحقة هذه الوتيرة السريعة مما يؤدي إلى ضغوطات كبيرة وكثيرة على نفسية الفرد ويغير من نمط تفكيره وتعاملاته مع الأشخاص الآخرين، بالتالي تتولد عندنا المشكلات النفسية والاجتماعية والسلوكية. واستطردت: لذلك ظهرت لدينا الكثير من المشاكل والظواهر السلبية وبالأخص مشكلة أو ظاهرة السلوك العدواني وهو سلوك موجود سواء في البيئة المدرسية أو خارجها، والسلوك العدواني له مظاهر إما باستخدام ألفاظ غير مسموح باستخدامها أو عن طريق السلوك العدواني البدني حين يستخدم الشخص الضرب أو الإيذاء البدني تجاه الأشخاص الآخرين.

الاتزان النفسي

وتابعت: نحن كجهة اختصاص نتعامل مع مثل هذه المشكلات لنساعد الطلبة ليتوصلوا إلى الاتزان النفسي ونساعدهم ليتغلبوا على السلوك العدواني، وبالتأكيد هناك مشكلات تتعلق بالسلوك العدواني قد تصل إلى القضاء وإلى «السوشيال ميديا» ولكن دورنا هو أن نعالج المشكلة ونساعد الطالب ونحتويه.

وقالت: نحن نضم إدارتين هما إدارة الخدمة الاجتماعية التي تنظر إلى الموضوع من الناحية الاجتماعية وتبحث وتدرس الحالة والمشكلة لتتوصل إلى حل، وإدارة مراقبة الخدمة النفسية التي تنظر إلى الموضوع من جانب آخر وهي أيضاً تضم عدة أقسام من أهمها قسم التدريب والإعداد المهني، لافتة إلى أن هذا القسم يعمل على تدريب وتهيئة المتدربين النفسيين للعمل كأخصائي نفسي في المدارس، كاشفة أن هناك دليلاً لمقياس السلوك العدواني سواء كان فردياً أو جماعياً لتطبيقه على الحالات التي تصلنا من المدارس لنتأكد من خلال النتائج ونصنف الحالة أو المشكلة.

وأضافت: كما أنه أثبت أنه كلما ارتفعت نسبة الذكاء الوجداني قلّ السلوك العدواني، موضحة أن الذكاء الوجداني هو امتلاك الفرد المهارات الحياتية التي تمكنه من أن يعيش حياته بسلام كمهارة إدارة الوقت والذات واتخاذ القرارات وحل المشكلات، مؤكدة أن هذه المهارات إذا ارتفعت لدى الفرد ارتفعت نسبة ذكائه الوجداني وبالتالي سيقل السلوك العدواني، داعية إدارات المدارس بالعمل على تعزيز هذه المهارات التي ستقلل بالتأكيد السلوك العدواني بين الطلاب.

سلامة الطلاب

بدوره، قال مدير مساعد في المرحلة الثانوية في وزارة التربية محمد السداني، إن المشاجرات الطلابية ناتجة عن أكثر من سبب بعضها يكون اجتماعياً بسبب انفصال الأبوين أو مشاكل داخل المنزل، مما يؤثر على نفسية الطلبة ويجعلهم حادين الطباع، مضيفاً أن مهمة المدرسة الأولى هي الحفاظ على سلامة الطلاب من أي عراك قد يؤدي إلى جروح أو إصابات خطيرة، لافتاً إلى أنه إذا كان الخلاف في بدايته فعلى مكتب الخدمة الاجتماعية والنفسية التدخل لحل المشكلة قبل أن تصل إلى مرحلة أكبر، ولكن في بعض الأحيان تصل المدرسة إلى نقطة لا تستطيع أن تتعامل مع حالات معينة من العراك الذي قد يؤدي إلى إصابات جسيمة أو توعد خارج أسوار المدرسة.

واستطرد: وهنا على المدرسة إخطار أولياء الأمور بالمشاجرة التي وقعت بين أبنائهم واتخاذ الإجراء المناسب من قبل إدارة المدرسة التي تبدأ بفصل مدته ثلاثة أيام وتنتهي بمجلس النظام الذي يقرر نقل الطالب من المدرسة إلى أخرى.

وأكد السداني أن مرحلة الثانوية هي الأصعب من حيث المشاجرات بين الطلبة فهي مرحلة البلوغ وتغير الهرمونات فالعراك في هذا العمر قد يتطور إلى الطعن والقتل أو الدهس، مبينا أن إدارة المدرسة تحاول إشراك أولياء الامور الذين من المفترض أن يكونوا أكثر عقلانية لاحتواء المشكلة قبل أن تصل لمرحلة متقدمة.

التميمي: للأهل دور كبير في تفاقم جرائم الاعتداء
قال أستاذ مشارك في قسم القانون الجزائي بكلية الحقوق في جامعة الكويت د. محمد التميمي، إن قضايا السب «الجرائم القولية» أوالضرب «جرائم الاعتداء الجسدي» التي تحدث في المدارس أصبحت ظاهرة تستدعي الوقوف عندها، مبيناً أن السبب في تعاظمها هو عدم محاولة القائمين على إدارة المؤسسة التربوية على حل هذه المشاكل داخل أروقة المدرسة.

وأوضح التميمي، أن الأهل لهم دور كبير في تعاظم حجم المشكلة بإخراجهم لها من ساحات المدرسة إلى ساحات القضاء وتنظر أمام محاكم الأحداث وفق قانون 111 لسنة 2015 وتعديلاته اللاحقة إلا أنها في كثير من الأحيان لا تصل إلى إصدار أحكام قضائية بالإدانة لحماية مستقبل الحدث.

وتابع: وهناك حل آخر يتمثل في لجنة رعاية الأحداث المذكورة في ذات القانون والتي يمكن لوزارة التربية متمثلة في مديري المدارس أن تكون على تواصل مع هذه اللجنة لتطبيق بعض التدابير الاحترازية، قائلاً: يجب أن يكون هناك تعاون بين وزارة التربية ووزارة الشؤون الاجتماعية والعمل فيما يتعلق برعاية الأحداث.

وأكد أنه من حق ولي الأمر رفع دعوى أمام القضاء للمطالبة بحق أبنائه في حال المساس بصحة الجسد البدنية، حيث قد تصل بعض قضايا الضرب إلى التسبب في عاهة مستديمة أو ضرر ما في الجسد وفي هذه الحالة فنحن نخرج من إطار الجريمة البسيطة إلى الجريمة الجسيمة لتنظر أمام القضاء.