نجحت دولنا الخليجية في المشروع الخاص بالربط الكهربائي فيما بينها لتقليص انقطاعات الطاقة من خلال استعانة الدولة التي لديها نقص في الطاقة بفائض الشبكة الخليجية من الكهرباء، هذا التضامن لم يأت من فراغ، بل هو نتاج طبيعي للتلاحم الخليجي التاريخي وللتنسيق المستمر في المواقف الأمنية والسياسية، وبما أن المصير مشترك في جميع المجالات، فلا مانع من أن يكون الربط الكهربائي نقطة انطلاق لربط اقتصادي وتعليمي وبيئي شامل، بحيث يستفاد من فائض العمالة لتعويض النقص الحاد في العمالة الفنية وإعادة توزيعها بين الدول الخليجية لسد النقص في القطاعات المختلفة.
وكذلك يمكننا التضامن والتكافل في عدة مجالات حيوية كالبيئة والتغير المناخي والمشاريع الخضراء، وفي تنوع الاقتصاد ومصادر الدخل والطاقة، وفي ربط العملة الخليجية الرقمية بعد رفع مستوى التجارة البينية، وفي التعليم العالي والأساسي والبحث العلمي والمناهج المتطورة، وفي النقل الجوي والبحري والبري وسكك الحديد، وفي الأمن الغذائي والزراعي، وفي أمن المعلومات وسلامة المحتوى، وفي مختلف الصناعات التحويلية المشتقة من النفط لضمان الاستغلال الأمثل لبرميل البترول.
فتضامن الدول الخليجية في مجال الطاقة والاقتصاد والائتمان والنقل والتعليم والصناعة والرقمنة والرياضة والتنمية، يسهم في فتح أسواق خليجية مشتركة لتبادل السلع والخدمات والخبرات على غرار الاتحاد الأوروبي الذي استطاع أن يحول اقتصاده إلى عملاق صناعي بعد الحرب العالمية الثانية من خلال خطة مارشال أميركية لإعادة إعمار أوروبا بعد ربطه مع اليابان بخطة مارشال عززت التجارة البينية بين الولايات المتحدة واليابان وأوروبا بعد إعادة إعمارها والتزامها بتنفيذ خطط مالية وتنموية حتى أصبحت شريكة تجارية مع أميركا، وأصبحت هذه الدول من أكبر المالكين لسندات الدين الأميركية.
وإن ما تستثمره دولنا الخليجية في تنمية شعوبها ومشاريع مشتركة سيعود عليها بأرباح ضخمة مستدامة، توفر من خلالها آلاف الوظائف في المجال النفطي والمهني والصناعي والغذائي والمصرفي والتعليمي، فنجاح الربط الكهربائي الخليجي قد يؤسس لسلسلة نجاحات أخرى في المستقبل القريب إذا تم ربط رؤيتنا المستقبلية المشتركة، والتزمنا جميعاً بتنفيذ خطط استراتيجية للربط الخليجي الشامل والمستدام.