لم يتبق سوى يوم، ويخيم الصمت الانتخابي على أجواء انتخابات مجلس أمة 2023، لتصمت معه الحملات الانتخابية لمرشحي الأمة عن الكلام والخطب الرنانة، وينطلق بعدها صوت الناخب ليقرر المصير في اختيار من يراه مناسبا لتمثيله من خلال التصويت، فغدا سيبدأ الصمت الانتخابي حتى انتهاء آخر صندوق يفرز في اللجان الانتخابية وإعلان النتائج النهائية والرسمية.

ويعبر الصمت الانتخابي عن حالة تعلن عنها الجهات المعنية بالعملية الانتخابية بالكويت في كل انتخابات، وتحديدا في اليوم السابق للاقتراع، حيث يحظر على المرشحين وكل من يتبعهم ويدعمهم نشر أي لقاءات تلفزيونية أو تقارير أو تصريحات سابقة لهم خلال فترة الصمت، ويقتصر دور وسائل الإعلام خلال هذا اليوم على تحفيز المواطنين على المشاركة في العملية الانتخابية، وإعطائهم النصائح التي تساعدهم في اختيار من سيقومون بانتخابه.

Ad

قرار

وينص القرار الوزاري رقم 143 في المادة السابعة لعام 2016، والمتعلق بالحملات الترويجية لانتخابات مجلس الأمة، والذي يتحدث عن الصمت الانتخابي، على «منع بث أي لقاءات صحافية أو تلفزيونية للمرشحين، سواء كانت سابقة أم حديثة، أو نشر التقارير عن أي من المرشحين، أو نشر إحصاءات أو استبيانات متعلقة بالعملية الانتخابية». ويمنع القرار الوزاري المرشحين من القيام بأي عمل يندرج ضمن حملات الترويج والدعاية الانتخابية لكسب تأييد الناخبين.

والهدف من الصمت الانتخابي هو إعطاء الناخبين فرصة لتحديد اختياراتهم بعناية، ووفق القرار الصادر عن وزارة الإعلام بشأن شروط وضوابط التغطية الإعلامية والإعلان والترويج لانتخابات مجلس الأمة، فإنه يحظر بث أو إعادة بث أو نشر أي لقاءات أو برامج أو تقارير مع المرشحين لانتخابات مجلس الأمة أو المجلس البلدي أو عنهم في يوم الاقتراع واليوم السابق عليه.

التحذيرات

ورغم التحذيرات التي تطلقها الجهات الحكومية المعنية بالعملية الانتخابية تجاه المرشحين وداعميهم ووسائل الاعلام المختلفة، مسموعة ومقروءة ومرئية ووسائل التواصل، فإن من يلتزم أدبيا بقرار الصمت الانتخابي قلة من هذه الوسائل، مما يعرّضها للمساءلة القانونية من خلال رقابة وزارة الإعلام على كل ما يُطرح في وسائل الإعلام خلال فترة الصمت الانتخابي، إذ تتم إحالة المخالفين الى الجهات القضائية بالدولة لاتخاذ الاجراءات القانونية بحقهم.

والسؤال الذي يفرض نفسه: هل يعد اختراق الصمت الانتخابي جريمة أم لا؟ وماذا عن العقوبات التي قد تسجل بحق المخالفين؟ ويجيب عن ذلك السؤال الخبير الدستوري د. محمد الفيلي، من خلال «الجريدة»، قائلا إن الصمت الانتخابي كفكرة يؤخذ بها ليس في الكويت فحسب، بل في كثير من دول العالم، والغرض منه أن الفترة التي تسبق يوم الانتخاب الرسمي يكون فيها الناخب قد اخذ الجرعة الكافية من برامج المرشحين ورسم قناعته تجاه مرشح معين، مثلا عن طريق ما طرح خلال الحملات الانتخابية وفي وسائل الاعلام.

وأضاف الفيلي: «تأتي فكرة الصمت الانتخابي لتكون بمنزلة حماية لهذا الناخب من أي طرح جديد قد يطرح قبل يوم الاقتراع أو في ذلك اليوم، ليشوّش على قناعة الناخب، لاسيما أنه يكون قد أخذ وقته واستمع لما يطرح من برامج انتخابية، لذلك فإن الصمت الانتخابي كموضوع يعتبر فكرة جيدة.

وأردف: «من الناحية الدستورية لا جريمة إلا من خلال نص قانون، وهنا نأتي لتأكيد أن قانون الانتخاب لم يجرّم الصمت الانتخابي، وبالتالي لا توجد أي جريمة لمن يخرقه أو يتجاوز القرار الوزاري الصادر على هذا الصعيد خلال فترة الانتخابات»، لافتا إلى أنه لا جريمة بقرار وزاري، وهذا ما ينطبق على القرار الوزاري الخاص بالصمت الانتخابي.

وأوضح أن وجود الصمت الانتخابي من خلال لائحة لا يصلح أن يكون أساسا لجريمة أو لتجريم الفعل، لافتا الى أن القضاء الكويتي أكد من خلال قضايا سابقة تتعلق بالصمت الانتخابي عدم وجود ما يجرّم الفعل، وأن القرار الوزاري الصادر بالصمت الانتخابي لا يشكل جريمة ولا يصلح أن يكون كذلك، مضيفا أن الصمت الانتخابي أتى بقرار وزاري وليس عن طريق قانون، لذلك لا جريمة في غياب القانون.