عاد الهدوء إلى المنطقة الحدودية بين أفغانستان وإيران التي شهدت، أمس الأول، اشتباكات عنيفة بين مقاتلي حركة «طالبان» التي تحكم أفغانستان وقوات الأمن الإيرانية، رغم أن التوتر لا يزال يخيّم بين الجانبين، وسط ما يبدو أنه سباق بين مساعي التهدئة والدعوات إلى التصعيد.

وفي حين حثت صحف إيرانية الحكومة على إظهار قوة الردع الإيرانية، لقي تهديدٌ للقيادي في «طالبان» عبدالحميد خراساني صدى واسعاً.

Ad

وقال خراساني، في خطاب مصور موجهاً الحديث إلى السلطات في طهران: «لا تختبروا قوتنا... أنتم وراء الكواليس مع الغربيين، ونحن مسلمون حقيقيون، وإذا سمح لنا الشيوخ، فسنقوم بفتح طهران».

واتهم بيان صدر عن دائرة الاتصالات الاجتماعية لـ «طالبان» الحرس الثوري الإيراني بشن هجمات إرهابية ضد مواقع الحركة. في الوقت نفسه، صدرت تصريحات تدعو إلى التهدئة من مسؤولين آخرين في الحركة مثل الناطق باسم وزارة الداخلية، الذي أكد أن «الوضع بات تحت السيطرة، والإمارة الإسلامية لا تريد حرباً مع جارتها».

وتبادل الطرفان الاتهامات ببدء إطلاق النار، الذي أسفر عن مقتل مسلح أفغاني وعنصرين من قوات حرس الحدود الإيرانية.

وجاء الاشتباك، الذي وقع في منطقة بين محافظة سيستان وبلوشستان الإيرانية وولاية نيمروز الأفغانية، وسط نزاع على مياه نهر هلمند، الذي ينبع من الجانب الأفغاني ويصب في إيران، إذ تتهم الأخيرة كابول بحجز المياه عنها وراء سد كانت بنته القوات الأميركية لدى احتلالها أفغانستان.

وهدد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ضمناً بشن عمل عسكري داخل أفغانستان في حال لم تحصل بلاده على حقوقها من المياه.

وتؤكد «طالبان» أن الجفاف قلّص نسبة المياه الجارية في النهر، وهو ما أدى إلى تناقص حصة طهران، إلا أن المسؤولين الإيرانيين يصرون على أن الحركة تحتجز كميات كبيرة من المياه، مطالبين بإرسال مراقبين إلى المنطقة.

وأعلنت «طالبان»، في الأيام الماضية بما في ذلك أمس، بدء بنائها عشرات السدود في المنطقة الغربية المحاذية للحدود الإيرانية.

وزار نائب القائد العام لقوى الأمن الداخلي الإيراني قاسم رضائي، وقائد القوات البرية للجيش الإيراني كيومرث حيدري، أمس، المنطقة التي شهدت الاشتباك، مؤكدين أن الأوضاع باتت تحت السيطرة.

وبينما تحدث مراقبون إيرانيون عن صراع داخلي في صفوف «طالبان» بين جناح معادٍ تاريخياً لطهران وآخر متفاهم معها وتعاون معها في مراحل كثيرة، قالت مصادر إيرانية، إن مهربي المخدرات والبشر هم وراء الشرارة التي فجّرت الوضع المحتقن أصلاً.

وأوضحت المصادر لـ «الجريدة»، أنه في حين كان الجنود الإيرانيون يبنون جداراً لسد ثغرة يستخدمها المهربون للتسلل، وقع اشتباك بين الطرفين احتجزت خلاله قوات الأمن الإيرانية مهربين في المقر الحدودي الذي تعرض لهجوم من «طالبان» بعد ذلك بساعات في محاولة للإفراج عن الموقوفين.

ونفت أن تكون طهران قد حاولت بناء جدار في أرض متنازع عليها بين الجانبين، مؤكدة أن طهران أمرت منذ ستة أشهر بإطلاق النار على أي شخص يدخل هذه الأراضي، وأن الدعم لقوات الفوج بالموقع الحدودي الذي تعرض لهجوم تأخر ساعتين.

جاء ذلك، في حين وصل سلطان عمان هيثم بن طارق إلى طهران أمس في زيارة تستمر يومين.

وقالت مصادر إيرانية، إن الجانب العماني في جعبته ملفات عدة لمناقشتها مع المسؤولين الإيرانيين، بدءاً من المساعي لإعادة إحياء الاتفاق النووي، إذ لا تزال مسقط تلعب دور الوسيط في تبادل الرسائل بين طهران وإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، مروراً بملف المصالحة بين الرياض وطهران، إذ لعبت مسقط كذلك دوراً مهماً سبق توقيع اتفاق بكين، وصولاً إلى ملف العلاقات بين إيران ومصر التي زارها السلطان هيثم قبل أيام.

في غضون ذلك، شدد وزير الدفاع الإيراني العميد محمد رضا أشتياني أمس، على أنه لا يوجد أي قيود مفروضة على بلاده لتصدير أو استيراد المعدات العسكرية والأسلحة، معتبراً، في الوقت نفسه، أن ما أثير حول تسلم إيران قريباً مقاتلات سوخوي 35 الروسية الحديثة «ليس إلا تكهنات».