في نهاية عام 2021، بلغ عدد المهاجرين من حاملي التأشيرات المؤقتة والعاملين داخل الولايات المتحدة 1.4 مليون شخص. ينتظر هؤلاء أن تُصدِر لهم الحكومة الأميركية تأشيرات إقامة وعمل كي يتمكنوا أخيراً من نيل إقامة دائمة تمهيداً للحصول على الجنسية الأميركية، ويأتي أكثر من 80% من العالقين في هذا المأزق من الهند.

يجب أن يُعاد تسليط الضوء على القصص المرتبطة بتكاليف وشوائب نظام الهجرة السخيف في الولايات المتحدة، حيث يتّكل هذا البلد على المواهب في مجال الهندسة والعلوم لمتابعة التفوق على الصين في خضم الصراع الوجودي المستمر لفرض السيطرة على قطاعات المستقبل، بدءاً من الذكاء الاصطناعي وصولاً إلى الطاقة الخضراء والهندسة الحيوية. في الجامعات الأميركية، يشكّل الطلاب الدوليون 74% من طلاب الدراسات العليا في مجال الهندسة الكهربائية، و72% من طلاب علوم الكمبيوتر والمعلومات، ونصف طلاب العلوم الصيدلانية والرياضيات والإحصاءات أو أكثر. اليوم يرأس الطلاب الأجانب الذين استقروا في الولايات المتحدة أهم شركات التكنولوجيا، لذا تطرح العوائق المستمرة في نظام الهجرة مخاطر اقتصادية متزايدة وتهديدات على الأمن القومي الأميركي. ترسّخت أزمة الهجرة الراهنة لأن الكونغرس الأميركي لم يراجع حصة المهاجرين منذ عام 1965 بسبب الخلافات المستمرة بين الحزبَين الجمهوري والديموقراطي في ملف الهجرة، كذلك، لم يراجع الكونغرس القواعد المرتبطة بالمهاجرين المتعلمين منذ عام 1990، كان إصلاح إجراءات الهجرة صعباً بما يكفي، لكن من المتوقع أن تتراجع فرص إصلاحها بدرجة إضافية خلال السنتين المقبلتَين، نظراً إلى احتمال أن يسترجع الجمهوريون سيطرتهم على مجلس النواب على الأقل خلال الانتخابات النصفية في الشهر المقبل، علماً أن الحزب الجمهوري بدأ يُعبّر عن معاداته للمهاجرين صراحةً تحت تأثير الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.

على صعيد آخر، تتعدد القصص الشخصية عن الأهوال التي ترافق سوء تعامل الولايات المتحدة مع المهاجرين، لا سيما الفئة التي تطبّق جميع القوانين المفروضة عليها وتتصرف بالشكل الذي تطلبه الحكومة الأميركية. يكون معظم هؤلاء المهاجرين طلاباً أجانب ويتوقعون أن يواجهوا نظاماً بيروقراطياً بالغ التعقيد منذ وصولهم، حتى أن عقاب أبسط خطأ قد يصل إلى حد خسارة فرص التعليم والعمل والعائلة والأصدقاء، أو يمكن نقلهم إلى بلدٍ غادروه منذ سنوات أو عقود طويلة. يضطر المهاجرون الذين ينتظرون تأشيرة الإقامة لاتخاذ قرارات شخصية حول الزواج، أو الوظائف التي يتسلمونها، أو العقارات التي يشترونها، لكن يلازمهم خوف دائم من احتمال أن تدمّر الحكومة الأميركية جميع خططهم في لحظة واحدة، ويصعب أن يترك أحد وظيفة مزعجة أو قليلة الأجر، إذ يجازف الفرد في هذه الحالة بخسارة مكانته في قائمة المرشحين لنيل تأشيرة إقامة، ويبدو تعامل الحكومة مع المهاجرين وحشياً جداً، لا سيما مع من يرغبون بكل بساطة في عيش حياة كريمة في الولايات المتحدة ويحرصون على تطبيق القوانين المفروضة عليهم.
Ad


على مستويات عدة، أصبحت الهجرة إلى الولايات المتحدة أشبه بخطة خادعة، حيث تتلقى الجامعات الأميركية مبالغ طائلة من الطلاب الأجانب بكل سرور، إذ يأتي معظمهم من عائلات غنية أو لا يكونون مؤهلين لنيل المساعدات المالية. تحبّذ الشركات الأميركية توظيفهم وهم يحملون تأشيرات عمل مؤقتة، لكن تُصعّب الحكومة على معظمهم عيش حياة طبيعية بعد استضافتهم، وفي هذا السياق، تكتب عالِمة الاجتماع الهندية الأميركية، راجيكا بهانداري، في كتابها الجديد America Calling: A Foreign Student in a Country of Possibility (أميركا تدعوكم: طالب أجنبي في بلد الاحتمالات): «حين يختار الطلاب الدوليون البقاء، هم يَعْلَقون في معظم الحالات داخل دوامة عميقة ومظلمة من القواعد، والتأشيرات، والتأجيلات، والمخاوف، والأسوأ من ذلك هو تشكيكهم الدائم بمستقبلهم».

* إدوارد ألدين