ثلاثة أيام فصلت بين نهائي كأس الأمير في كل من الكويت وقطر خلال هذا الشهر مع العلم بالرمزية اللامعة لهذه الكأس خصوصاً لارتباطها بالمقام السامي في الدولتين، ليس علينا سوى مشاهدة المباراتين بشاشتين بالقرب من بعض في آن واحد لندرك حجم الفجوة ما بيننا وبين أشقاء لنا يشبهوننا ونشبههم في الكثير من المعطيات، إلا في البوصلة التي نغبطهم عليها. شاهدت في نهائي كأس أمير قطر أناقة الاحتفال، ومستوى المنشآت والملعب الحديث الذي كانت الجماهير فيه جزءاً من اللعبة لامتلاء المقاعد بهم وقربهم من اللاعبين بلا مضمار سخيف عديم الفائدة، والمستوى الرفيع للشخصيات الحاضرة المحلية والعالمية ومنهم رئيس الفيفا، والمستوى الفني، ولمسات الإبداع والاعتداد بالثقافة والهوية بالحروف والأرقام العربية على أزياء الفريقين، والأخلاق الرياضية لكلا الفريقين واحترام قرارات الحكم، وعلى النقيض كنّا!

تمسك بريموت الكنترول وتنتقل إلى البرامج الحوارية الرياضية علّك تسمع رأياً يبث فيك الأمل، لا تجد سوى صراع وصراخ وقصف للشخصيات، يواجهه قصف مضاد بالمدفعية الثقيلة كما هو حالنا لسنوات طويلة باختزال الحالة الرياضية في أشخاص بعينهم، تُطفئ التلفاز (لماذا أسموه تلفازاً؟) وتنتقل إلى السلطة التشريعية الجديدة في الكويت «تويتر» لتجد حالة الحرب ذاتها بجنود مختلفين، لا جديد، فالجميع متخندق، ومع مضي السنين تزداد الساحة (أو البراحة) الرياضية الكويتية جدباً كما هو حال الأرض التي يقف عليها حرّاس المرمى في ملاعبنا المصابة بالثعلبة، ولا ضرر من التذكير بأن منتخبنا هو الوحيد من بين المنتخبات الخليجية الذي لم يتأهل لنهائيات كأس آسيا المقبلة 2024 والتي ستقام في قطر (نجاح تلو الآخر) لنحتفل بمرور 20 عاماً بالتمام والكمال على آخر نقطة حصلنا عليها في النهائيات الآسيوية.

Ad

ومع الفجوة الهائلة بيننا وبين الأشقاء في قطر، إلا أن نموذجهم ليس الأنسب للعديد من الاعتبارات، وإن رغبنا في الإصلاح الحقيقي فعلينا أن نعي أن مشكلة الرياضة لدينا هي ذاتها مشكلة كل شيء آخر، وهي محاولة اختراع العجلة في زمن الصواريخ، ليس علينا سوى استعراض النماذج الرائدة العالمية والاسترشاد بها «ولا يعني ذلك استنساخها»، وبغير ذلك تستمر معادلة الانحدار والإهدار والاستمرار بصراع الديوك. ما الضير في أن نتطلع للبطولات الأوروبية الرائدة ونماذجها وعوائدها، لمَ لا نضع التنافس في مكانه الصحيح ليكون صراع بناء لا هدم، وتتم خصخصة الأندية بحيث يرتبط الإنفاق بالعوائد الحقيقية مع فتح باب إنشاء الأندية الجديدة من غير تعقيد، وتنشأ أندية جديدة وتنجح، تفشل أخرى وتسقط، يكبر بعضها، يصغر الآخر، تتضاعف أعداد الأندية وتتفاوت في كل شيء، وتزداد فرص العمل الحقيقية، وينشغل الشباب بما يعود بالنفع، وتنشط قطاعات لا حصر لها بفوائد وطنية جمّة، ويجد عندها الناخب (المساهم) نفسه مضطراً لإعطاء صوته للأكفأ لا لأي اعتبار آخر، وإلا... دفع الثمن من جيبه، هذه هي خصائص العجلة الأوروبية، وقد تكون مفتاحاً للتعامل الصحيح مع صناديق الانتخابات برمتها.