دفع بي أينشتاين لقراءة كتاب الفيلسوف الهولندي سبينوزا عندما كتب يقول:

- أنا أدين بما يؤمن بهِ سبينوزا.

Ad

وهذا الفيلسوف الذي أشار إليه أينشتاين هو صاحب منهج رياضي وأسلوب هندسي، وكل آرائه الفلسفية والدينية والسياسية كُتبت بدقةٍ ووضوح، وقد ضمّنها جميعاً في كتابه «علم الأخلاق»، الذي يعتبر واحداً من الكتب المهمة في تراث الإنسانية، إذ احتوى على موضوعاتٍ ميتافيزيقية ونفسية وأخلاقية.

ويبدأ الفصل الأول بإعطاء تعريف فلسفي للخالق - جل في علاه:

إن الله جوهر لا متناهٍ، وكل الموجودات التي تملأ أرجاء الكون مهما تعددت أشكالها وأحوالها أو صورها وهيئاتها، فهي الجوهر الأوحد للامتناهي من الصفات اللامتناهية.

ثم يفسر الفيلسوف اصطلاح «اللامتناهي» على أنه ليس عدداً لشيء يكثُر ولكنه لا متناهٍ في ذاته، فسبينوزا يستعمل لفظ اللامتناهي بالمعنيين، إذ للجوهر الإلهي عندهُ صفات لا متناهية في ذاتها، ولا متناهية في عددها، ويركز على صفتين جوهريتين في متناول العقل البشري، هما: الفكر من ناحية، والامتداد من الناحية الأخرى.

***

وسبينوزا يرى أن ملكاتنا البشرية مهما كانت قوة حدة وظائفها المختلفة فهي لا تمتلك الخصائص لتصل إلى معرفة لا محدودية الله. ويضيف: لا يجوز مطلقاً وصف الإنسان للامحدود، بغير الكمال المطلق، ويجب أن تتخذ أسمى درجات الخشوع عند ذكر الله.

***

ومثلما دفع بي أينشتاين لقراءة كتاب سبينوزا، فإن وصف هذا الفيلسوف لله- سبحانه- قادني لقراءة الخطبة الأولى في كتاب نهج البلاغة، التي يصف فيها الإمام علي ربه منذ 14 قرناً، فوجدتُ هناك الكثير من التوافق، رغم تقادم القرون بينهما.