الطلاق البائن بينونة كبرى هو الطلاق الذي لا رجعة فيه للزوجين إلا بمحلل، ومجلسنا القادم قد يحمل على عاتقه الطلقة الدستورية الثالثة، بعد طلاق مجلسي 2020 و2022 حلا أو إبطالا، وهنا النقطة الأهم مرحليا التي يجب أن يعرفها كل ناخب قبل الإدلاء بدلو صوته في بئر الانتخابات القادمة، كونه كان وسيبقى المشارك الأهم في صنع كل المجالس، وقادرا في حال أراد ذلك أن يقدم مجلسا مختلفا هذه المرة يتلافى أخطاء المجالس السابقة، بانيا وفق منهج برلماني وسياسي سليم طريقا جديدا يفيده في مسيرة حياته وحياة أولاده وينقذ عربته البرلمانية والديموقراطية التي غرزت في طين التخبط حتى وصلت للدرك الأسفل من مستنقع الإنجازات والتشريعات.

والمجلس المختلف يصنع على يد ناخب مختلف أيضا، فالشيء لزوم الشيء كما يقال، ولا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وأول قواعد التغيير هو الابتعاد عن النواب الذين يغلفون بخباثة مصالحهم الشخصية، ويقدمونها بسوق الانتخابات والشعارات بنكهة مصالح الشعب، فيتحدثون باسمه ويتباكون عليه في حين هم في حقيقة الأمر من يأكلون العنب وناخبهم يأكل الحصرم بعد تحقيق أهدافهم، والقاعدة التالية أن يرجح الناخب مصالح وطنه على أهوائه الشخصية، فلا يقدم فئته التي غالبا ما تقدم له الفتات.

Ad

وهذا واقع نعيشه بعد فض الانتخابات ووصول من وصل وتربعه على كرسيه النيابي على مصالح وطنه وأجياله التي تقدم له مستقبلا وأمنا واستقرارا في القادم من الأيام، وأن يعي أن أكرم المرشحين هو أتقاهم دستوريا وماليا وأخلاقيا وأكثرهم كفاءة في تقديم التشريعات والبرامج الواضحة والمحددة بعيداً عن أسعار الغزل الانتخابي والخمريات التي تستهدف قلب الناخب لا عقله، وأفضلهم هو الصادق مع ناخبيه علناً وسراً وفعلا وقولا.

وأخيراً وليس آخراً تبقى قاعدة ألا ينشغل الناخب بخلافات الأقطاب والصراعات السياسية، فهو سيبقى مصدر السلطات، ويجب ألا يكون وقوداً في حروب سياسية ومصلحية كهذه، وكل مرشح أو رمز سياسي أو كتلة قادرون على الدفاع عن أنفسهم والرد على الانتقادات وتوضيحها للناخبين كما توجب الشفافية دون أن يعين كل مواطن نفسه محاميا عنهم، فالناخب هو قاض وفق مفهوم الإرادة الشعبية والمواد الدستورية في هذه المرحلة لا محام عن أحد أو موكل بالرد عنه.

أخيراً إن لم يع الناخب خطورة المرحلة التي تقوم عليه أولاً وأخيراً فإن الطلاق الثالث قادم لا محالة، وما بعده ليس كما قبله كما يوحي مسار الأحداث و«صوت خبرتيه يا الإرادة العمياء كليه».