من المؤكد أن مجلس 2020 الذي أعادته المحكمة الدستورية، لم ولن يعجب بعض أعضاء المجلس المبطل ذلك الحكم، وكانوا يصفونه بأنه ساقط شعبياً وشبه معدم، وذلك لأنهم كانوا أقلية في ذلك المجلس، فلم يتمكنوا من فرض آرائهم المضرة بالدولة في ذلك المجلس، فأثاروا نوعاً من الشغب المعيب، فأدى إلى تعطيل الجلسات، وذلك لأن الحكومة والأكثرية البرلمانية لم تتصدّ لذلك السلوك الرديء بحزم.

وأدى ضعف الحكومة إلى أن يتمادى أولئك الأعضاء بغيهم، فازدات الفوضى في المجلس، فقدمت الحكومة استقالتها لعدم قدرتها على التعاون مع المجلس، وقُبلت استقالتها وتشكلت حكومة جديدة، برئاسة أحمد النواف التي رفعت بدورها خطاب عدم التعاون مع المجلس بدون أن تحضر جلسات المجلس.

Ad

ارتأت السلطة حل مجلس 2020 والدعوة لانتخابات جديدة، وجاء مجلس 2022 بأغلبية برلمانية شعبوية، اهتمت بإسقاط القروض الذي يكلف الدولة أكثر من 14 مليار دولار، والتفريط بالهوية الوطنية، إذ نادى غالبية أعضاء ذلك المجلس بمنح الجنسية دون التزام باللوائح لحماية الوطن لمنح الجنسية لمن لا يستحقها، واتصفت تلك الأغلبية بالصوت العالي السيئ، وامتنعت الحكومة عن حضور جلسات المجلس، مشترطة بسحب تلك المطالب فتعطلت الجلسات.

في هذه الأثناء كانت المحكمة الدستورية تنظر في الطعون الانتخابية، وكان من ضمنها طعن تقدم به نواب من مجلس 2020 ادعوا فيه، أن سمو رئيس مجلس الوزراء أحمد النواف قدم استقالته معلناً عدم قدرة حكومته على التعاون مع المجلس، دون أن يحضر جلسات المجلس، فكيف تبين لسموه أن ذلك المجلس لا يتعاون معه؟

وكانت المرافعة التي قدمها كل من د. أنور الفزيع ود. نواف الياسين، بصفتهما ممثلين عن بعض نواب 2020، المتضررين من حل ذلك المجلس، حافلة بالحجج التي أقنعت قضاة المحكمة ببطلان حل مجلس 2020، لذا قضت بإعادته، وترتب على ذلك بطلان انتخاب 2022، وهذه ليست أول مرة تقضي المحكمة الدستورية ببطلان حل المجلس، فقد سبق للمحكمة ذاتها أن قضت ببطلان مجلس 2012 وإعادة مجلس 2009، وكان ذلك في عهد سمو الأمير الراحل صباح الأحمد، وتقبل سموه، رحمه الله، حكم المحكمة برحابة صدر، وأعاد مجلس 2009 ليكمل مدته كما رأت المحكمة.

لماذا نرى اليوم أن هناك تردداً من طرف الحكومة في قبول رأي المحكمة؟ والخوف أن يكون في الحكومة طرف سيئ هو من حرض ضد رأي المحكمة، والخوف أن يكون ذلك الطرف السيئ الذي دخل الحكومة وحرضها ضد حكم المحكمة، هو من كان يقود الفوضى في مجلس 2020، ونأمل ألا يخدع سمو رئيس الوزراء في المديح والثناء الذي يردده بعض أعضاء المجلس المبطل، ويصفون سموه بأنه رجل الإصلاح والعهد الجديد، وكلنا أمل ألا يكون ذلك سبباً لخداع سموه ويستجيب لمطالبهم الضارة بالدولة.

احترام القضاء استقرار لأمن الدولة وحفاظٌ عليها من السقوط بالفوضى، والقضاة يحكمون باسم الله واسم الأمير، ولا مصلحة لهم في الوقوف مع طرف ضد آخر، ففي بريطانيا قيل لتشرشل الزعيم البريطاني بعد الحرب الثانية إن بريطانيا قد تحطمت، فسألهم عن القضاء البريطاني، فقالوا له إنه بخير، فقال إذاً بريطانيا بخير ما دام قضاؤها بخير، فيجب احترام رأي القضاء وعدم المساس بسمعته.