في أوج الهجوم على أوكرانيا، الذي تخللته سلسلة انتكاسات مهينة للجيش الروسي، استعرض الرئيس فلاديمير بوتين قوته العسكرية في الساحة الحمراء، أمس، بذكرى النصر على ألمانيا النازية ونهاية الحرب العالمية الثانية، محذّراً من أن العالم عند «منعطف خطير ونقطة تحوّل»، ومؤكدا أن مستقبل روسيا سيتحدد حسب نتائج حرب أوكرانيا، متحدثا عن «حرب مقدسة» مع الغرب.

وشدد بوتين، أمام آلاف الجنود والنخبة السياسية المجتمعين في الساحة الحمراء لإحياء ذكرى الانتصار على ألمانيا النازية عام 1945، على أن «مستقبل الدولة الروسية يعتمد على المشاركين في العملية العسكرية الخاصة» بأوكرانيا، مضيفاً: «لقد اندلعت حرب ضد وطننا، وما من شيء أكثر أهمية الآن من مهمتكم العسكرية. أمن الوطن يقع على كاهلكم، ومستقبل دولتنا وشعبنا منوط بكم».

Ad

وأضاف: «لقد صارت المعارك الحاسمة من أجل مصير أمتنا دائما وطنية ومقدسة، وأنتم تنجزون مهامكم العسكرية بشرف وتقاتلون في معركة مقدسة من أجل روسيا ومن أجل قواتنا المسلحة الباسلة، ومن أجل النصر، وكما تصدينا للإرهاب الدولي، سنحمي سكان دونباس وسنضمن أمننا».

كما اتهم الرئيس الروسي «النّخب الغربية المعولمة» بـ «تحريض الشعوب على بعضها البعض وتقسيم المجتمعات وإثارة نزاعات دامية»، وهي تصريحات تذكّر في مضمونها وشكلها بتلك التي صدرت عن موسكو إبان الحرب الباردة.

وأوضح بوتين، الذي أظهر أن هجومه على أوكرانيا كان يهدف إلى الدفاع عن روسيا ضد عدوان غربي مُفترض، أن «هدفهم هو التوصل إلى انهيار وتدمير بلدنا وإلغاء نتائج الحرب العالمية الثانية وتدمير نظام الأمن العالمي والقانون الدولي نهائيا، وخنق أي مراكز تنمية ذات سيادة».

صاروخ يارس البالستي خلال الاستعراض (أ ف ب)

واعتبر أن الشعب الأوكراني أصبح رهينة للانقلاب ومخططات الغرب، وهذا هو سبب الكارثة الحالية بأوكرانيا، وأعرب عن تقديره البالغ لحضور قادة دول رابطة الدول المستقلة العرض العسكري.

وبعد الخطاب المقتضب للرئيس الروسي، اجتاز الآلاف من الجنود الساحة الحمراء الشهيرة في موسكو، ملوّحين بالأعلام الروسية والسوفياتية.

وشهدت الساحة الحمراء في «الكرملين» عرضا عسكريا ضخما بمناسبة الذكرى الثامنة والسبعين لنهاية الحرب العالمية الثانية التي راح ضحيتها الملايين على يد النازية.

وتجمعت في الساحة الحمراء وحدات من مختلف صنوف القوات الروسية، التي شاركت في العرض، إضافة إلى الآليات والمدرعات الروسية وسلاح الجو، الذي تم إلغاء عرضه المعتاد دون تفسير، رغم تنبؤات الطقس التي أظهرت صفو السماء نسبياً.

مجموعة فاغنر

وفي تعليقه على الحدث، قال قائد مجموعة فاغنر، يفغيني بريغوجين، أمس، إن «يوم النصر هو يوم انتصار أجدادنا. إننا لم نحقق هذا النصر بعد ولا بملليمتر واحد».

واتهم بريغوجين وحدة عسكرية روسية بالفرار من مواقعها قرب مركز القتال في باخموت شرق أوكرانيا.

وفي دليل جديد على خلافه مع هيئة الأركان العامة، اتّهم قادة الجيش الروسي بالسعي إلى «تضليل» بوتين بشأن الهجوم في أوكرانيا. وقال في بيان «إذا تم القيام بكل شيء لتضليل القائد العام للقوات المسلحة (فلاديمير بوتين)، فإما سيقضي عليكم القائد العام أو الشعب الروسي الذي سيكون غاضبا إذا خسرت (روسيا) الحرب»، متّهما الجيش مجددا بعدم تسليم الذخيرة التي تحتاج إليها مجموعته للسيطرة على باخموت.وقال إنه أُبلغ قبل ايام بأنه ورجاله سيعتبرون خونة إذا تخلوا عن مواقعهم في مدينة باخموت. مضيفا: «إذا لم تتوفر الذخيرة، فسنترك مواقعنا وسنكون نحن من يسأل عن الذي يخون الوطن حقا».

وفي ألمانيا، قال المستشار أولاف شولتس، أمس، إن «استعراض» بوتين لقوته في الساحة الحمراء يجب ألا يؤدي إلى «ترهيب» الاتحاد الاوروبي الذي يجب أن يبقى «حازما» في دعمه لأوكرانيا.

وقال شولتس، أمام البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ، «على مسافة 2200 كيلومتر من هنا، بوتين يستعرض جنوده ودباباته وصواريخه. دعونا لا نخاف من هذا. دعونا نبقى حازمين في دعمنا لأوكرانيا أيضا. مهما طال الأمر، لا أحد منّا يريد العودة إلى الأيام التي كان فيها قانون الأقوى مطبّقا في أوروبا».

ودعا المستشار الألماني إلى «إصلاح وتوسيع» الاتحاد الأوروبي، مع توقعات وإجراءات أكثر «جيوسياسية»، مبيناً أنه يحتاج إلى تبسيط عملية صنع القرار حول السياسة الخارجية والأمن والضرائب، والوفاء بوعده لدول البلقان المجاورة بالسماح لها بالانضمام إلى الكتلة.

وفي أوكرانيا، قال الرئيس فولوديمير زيلينسكي، خلال استقباله رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لايين، «حان الوقت لإزالة هذا الغموض السياسي المصطنع في العلاقات بين أوكرانيا والاتحاد الأوروبي. حان الوقت لاتخاذ قرار إيجابي بشأن بدء مفاوضات الانضمام».

وقال الجيش الأوكراني إن القوات الروسية لا تزال تهاجم باخموت، ولا توجد أي تغييرات كبيرة في الأوضاع، ولم تتمكن من الاستيلاء عليها كما كانت تأمل قبل عطلة ذكرى الانتصار على ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية.

ويستعد الجيش الأوكراني، كما هو متوقع، لشَنّ هجوم مضاد واسع النطاق، في محاولة لاسترداد الأراضي التي تحتلها روسيا في جنوب وشرق أوكرانيا.