أين تسير الكويت؟ وأين تتجه؟ ولماذا تتعثر أنشطة التنمية داخلها؟

أسئلة كثيرة تطرح في الشارع الكويتي لا تجد لها إجابة واضحة أو إجابة توقف سيل التعجب والاستفهام على الحالة العامة التي تعيشها الدولة، وعندما أسمع تلك الأسئلة في الصحافة والدواوين والأنشطة المدنية، تسحب مخيلتي لحوار بين شخصيتين قياديتين هما صلاح الدين الأيوبي وتشرشل، وكأن الثاني يسأل: كيف نجحت الدولة الأيوبية بصد الحملات الصليبية الشرسة؟ فتأتي الإجابة «إن كل مؤسسات الدولة تؤمن أن الأمة ستخلدها والآخرة موعدها»، فيستمر الحوار ويسأل الأول: لكن كيف نجحتم في صد الروح القتالية العالية للألمان؟ فيرد «إن المؤسسات تؤمن بأن بريطانيا العظمى أذكى وأقوى بكثير من هؤلاء الشرذمة»، انتهى ذلك الحوار الجميل المستمد من ركائز ثابتة.

Ad

ثم بدأ السؤال الحقيقي: ما القضية المركزية والهدف العام الذي تتخذ من خلاله المؤسسات الوطنية نهجها وطريقة استراتيجيتها؟ هل رؤية كويت 2035 تمثل قضية مركزية أم جيفة بلا روح؟ وهل القضية المركزية قادرة على إعادة التعبئة العامة وتوجيه كل المنظومات نحو تحقيقها؟

عاش الإعلام الكويتي حالة من الفوضى والشتات بعد عام 2006 وترنحت معه المؤسسات بسبب خلو الدولة من مشروع وطني كبير أشبه ما يكون بوعاء يضم جميع السلطات، فكانت نتائج ذلك الفراغ تعميق الخلاف وخلق حالة من التشكيك بالوطنية والطعن بالولاء، وأصوات نشاز تعلو بين الفينة والأخرى لتمزيق المجتمع وحكر مفهوم المواطن المخلص بدائرتها، وقبل الخطاب السامي الأخير بحل مجلس أمة 2020 كانت هناك حالة من الاحتقان الكبير وتدشين لنهج حكومي جديد (ما أريكم إلا ما أرى) لكن وُئد بعد ذلك بالاحتكام لمواد الدستور. صناعة القضية المركزية هي صناعة سلطوية تختص بها المؤسسة الحاكمة أو بمعنى آخر هي نظرة السلطة للدولة، تقفز بالدولة إلى مصاف الدول المتقدمة أو تبقيها على إرثها القديم دون حركة تغييرية أو تسحق المؤسسات تحت راية القائد الأوحد، فتساعد تلك الفلسفة بتبني الحرب من أجل إنهاء أي حرب داخلية تعطل مسار التنمية، وأيضا خلق فلك كل من يريد خرقه أو تجاوزه يحترق سريعا، كما أنها تتمتع بقدرة كبيرة على ابتكار طريق يحدد مسار عمل المنظومات.

ومع ذلك هناك ما يسمى وهم القضية، مثل القومية العربية التي نجحت في خلق رأي عام مؤمن بها لكن سرعان ما تعرى ذلك الإيمان لتكون الثروة الوطنية حقا لأبناء القطر الواحد، وشعار «الأرض والخبز والسلام» الذي انتهى في روسيا بصف طويل على ماكدونالدز يقدر بآلاف يعلن الحداد على قضية لينين.

ويعود السؤال مرة أخرى: هل الكويت تمتلك قضية مركزية تؤسس لدولة جديدة أم أن الصراع بين أقطاب مختلفة لا تمثل قوة في ميزان الدولة هي رئة الفوضى وضعف الإدارة العامة؟