على ما يبدو أن هناك نوعاً من الاتفاقات والتفاهمات ستسمح بتهيئة الظروف الملائمة نحو إجراء انتخابات مبكرة دون الخروج على النصوص الدستورية، إن حصل ذلك فعلا فإنه يعني أن كل الأطراف قد استجابت للغة العقل، بخلاف ما أثير من لغط، وبغض النظر عن الخلافات والخسائر الشخصية.

في لقاء يعود إلى عدة سنوات التقيت ومجموعة من الزملاء بسمو رئيس الوزراء الأسبق الشيخ ناصر المحمد وبحضور الشيخ أحمد الفهد، وفي الوقت الذي كانت فيه الاستجوابات قد وصلت إلى ذروتها، حينها سألته من أكبر... الدستور أم ناصر المحمد؟ فكانت الإجابة دون تردد: الدستور.

Ad

بعد الانتهاء من اللقاء طلب سموه مني التريث ليقول بالحرف الواحد سأستأذن القيادة السياسية ويقصد سمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الصباح، وسمو ولي العهد الشيخ نواف الأحمد الصباح آنذاك بالسماح لي بصعود المنصة، فكان له ما أراد ليسجل اسمه أول رئيس وزراء يصعد المنصة منتصراً للدستور.

بغض النظر عن حقبة تولي سمو الشيخ ناصر المحمد رئاسة الوزراء، لكن هذا الموقف يجب ألا يغيب عن ذهن سمو رئيس الوزراء الشيخ أحمد النواف الذي يحظى بدعم سياسي وغطاء شعبي كبير، وأن تكون المواجهة والإخلاص في العمل ورفاهية المواطن شعاره، وهو إن شاء الله كفءٌ لها.

كما ذكرت في مقالات سابقة إنه من الصعوبة استمرار مجلس 2020 وإن العودة إلى صناديق الاقتراع أضحت حقيقة لا يمكن تجاوزها، علماً أن الانتخابات القادمة ستشهد حالة من الاصطفاف وتغييراً كبيراً في الوجوه بدخول أسماء جديدة وخروج أخرى من مجلسي 2020 و2022 بعدما انكشف أداء ومواقف معظمهم.

من المفارقات التي يشهدها مجلس الأمة الكويتي هبوط شعبية النواب الذين يدخلون في التشكيلة الحكومية، وهي فعلًا مفارقة تتطلب الوقوف عندها لمعرفة الأسباب التي دعت الناخبين إلى التحول عنهم مع أن معظمهم يقوم بتقديم الخدمات والتسهيلات لمؤيديه.

من الملاحظ أيضا أن الناخب الكويتي أصبح أكثر قدرة على محاسبة أعضائه خصوصاً فيما يتعلق بالمواقف السياسية للنواب وتصويتاتهم الشعبية، لذلك نرى بعض النواب ينتهج أساليب أخرى تعزز فرص نجاحه من خلال تركيزه على مجاميع محددة تبارك طرحه وترك بقية مكونات المجتمع، وهو مسلك خطير يعزز الفئوية والطبقية بين أفراد المجتمع ويخالف مفهوم أن النائب يمثل الأمة.

ما زال المجتمع الكويتي يدفع ثمن فاتورة سوء اختيار أعضاء مجلس الأمة إلى جانب ضعف كفاءة الحكومات المتعاقبة، والذي انعكس على مستوى الخدمات والتنمية الاجتماعية والاقتصادية وبقية المؤشرات الحياتية، بحيث لم يعد بالإمكان التفريط بالزمن الذي أصبح كالسيف مسلطاً على الكويت وأهلها.

هذه الاختيارات أدت إلى صراعات بين السلطات، والوطن والمواطن ليس لهما فيها لا ناقة ولا جمل، والنتيجة غيرنا يتقدم ويقتنص الفرص ونحن نرجع للخلف رغم كل الإمكانات المادية والبشرية التي تتوافر لدينا.

الخلاصة إن غاب الضمير غابت الذمة وإن غابت الذمة فسدت الحال، ومن يصلح الحال رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه.

ودمتم سالمين.