راهن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، أمس، على التصنيع للخروج من المأزق الاقتصادي الذي تعانيه أكبر دولة عربية سكانا، بسبب ما وصفه بـ«أزمة الدولار الكاشفة»، وذلك في أول ظهور له بعد قرارات تحرير سعر صرف الجنيه الخميس الماضي، والتي أفقدت الأخير نحو 15 في المئة من قيمته، ورفعت سعر صرف الدولار من 19.2 إلى 23.15 جنيها في غضون ساعات، ما دفع السيسي إلى الخروج لحث رجال الأعمال على زيادة التصدير كحل ناجع للأزمة المصرية المزمنة.

وقال السيسي، خلال إطلاق الملتقى والمعرض الدولي الأول للصناعة، إن «أزمة الدولار كاشفة، وأظهرت ضرورة التحرك الفعلي لتحقيق مزيد من الإنتاج لتغطية الطلب المحلي قبل استهداف التصدير»، مضيفا أن فاتورة الدولار تزيد سنة بعد سنة، نتيجة لتطور الاقتصاد المصري، وزيادة حجم الاستيراد الضروري، وتابع: «لو ماسبقناش الوقت، ونحقق إنتاج جزء كبير من مستلزمات الإنتاج اللي بنستوردها من بره، بهدف زيادة الناتج المحلي وتشغيل العمالة المصرية وزيادة عوائد للضرائب».

وأفاد بأن هدفه من زيادة عوائد التصنيع ليست التصدير فقط، بل تغطية الطلب في السوق الداخلي لمصر، «أنا عارف السوق العالمي فيه إيه، وفي مصر أقدر أعمل إيه، ولما أقول للناس تعالوا في تطوير الإنتاج من خلال اتفاقيات وتسعير الطاقة عندنا، وأقدم تسهيلات مع العمالة المصرية التي تكلفتها لا تقارن بأي تكلفة تانية»، ووجه بمنح الرخصة الذهبية، التي تختصر الإجراءات أمام المستثمر في إجراء واحد بعيدا عن تعقيدات البيروقراطية، إلى كل من يتقدم للحصول عليها لمدة 3 أشهر، ووعد بمد الفترة ثلاثة أشهر أخرى حال نجاح التجربة في تحقيق عوائد، وأقبل عليها رجال الأعمال والمستثمرون.
Ad


وفي لقاء له ما بعده ويكشف عن النية المصرية لفتح الأبواب على مصاريعها أمام الاستثمارات الخليجية، أكد السيسي، خلال لقائه بممثلي رابطة رجال الأعمال القطريين، برئاسة الشيخ فيصل بن قاسم آل ثاني، أن بلاده حريصة على تطوير علاقات التعاون الاقتصادي والتجاري مع مجتمع رجال الأعمال والشركات القطرية وتنمية الاستثمارات المشتركة، في ضوء الاستغلال الأمثل للفرص المتاحة.

التبني المصري على المستوى الرسمي لخطاب دعم التصنيع والاعتماد على التصدير، يأتي في وقت أجمع خبراء الاقتصاد على أن تراجع قيمة الجنيه قد تكون مفيدة في حالة واحدة فقط، وهي إعطاء فرصة ذهبية لزيادة حجم التصدير المصري بسبب انخفاض قيمة الجنيه، وهو ما عبرت عنه أستاذة علم الاقتصاد بجامعة القاهرة عالية المهدي بقولها: «أمامنا فرصة جيدة إذا أحسنا استغلالها، ولذا على رجال الصناعة والزراعة زيادة صادراتهم استغلالا لسعر صرف الجنيه المنخفض».

في الأثناء، يترقب المصريون على مختلف المستويات الشعبية والرسمية «صدمة الأحد» اليوم، مع فتح البنوك أبوابها وبدء التعامل بآليات تحرير سعر صرف الجنيه، إذ يتحسب الجميع من عدم قدرة البنوك على توفير حجم الطلب على الدولار، ما يؤدي إلى ارتفاع إضافي للأخير من 23.15 إلى 25 جنيها، ما يعطي مؤشرا على حالة من حالات الانفلات في سعر الصرف. في المقابل، قال مصدر مصري مطلع، لـ«الجريدة»، إن البنك المركزي يعمل مع الحكومة على تدابير لاستيعاب الصدمة والعبور من اليوم الصعب الذي سيتقرر على أساسه العديد من الإجراءات المتعلقة بسوق الصرف في الفترة المقبلة.