فيما تواصل القوات الأوكرانية تنفيذ هجوم مضاد لاستعادة أراضٍ تحتلها روسيا في جنوب البلاد، أعلنت البحرية الروسية، اليوم، أنها أحبطت هجوما بمسيّرات في ميناء سيفاستوبول، مقر أسطول البحر الأسود التابع لموسكو في خليج سيفاستوبول بشبه جزيرة القرم، التي ضمّتها روسيا عام 2014، في حين اتّهمت وزارة الدفاع الروسية، بريطانيا بتنفيذ الهجوم «الذي تسبب في أضرار طفيفة بإحدى السفن».

وقال حاكم سيفاستوبول، ميخائيل رازفوغايف: «على مدى ساعات عدّة، صدّت مختلف أنظمة الدفاع الجوي التابع للبحرية الروسية في سيفاستوبول هجمات بمسيّرات، وتم إسقاطها كلها»، مشيراً إلى أن هذا الهجوم هو «الأكبر في تاريخ الصراع».

ورداً على الهجوم، أعلنت روسيا اليوم تعليق مشاركتها في اتفاق الحبوب الذي يضمن مواصلة تصدير الحبوب الأوكرانية الحيوية للإمدادات الغذائية للدول الفقيرة، بحجة ان السفنية التي اصيبت تستخدم لتنفيذ الاتفاق.
Ad


وعلق متحدث باسم الأمم المتحدة قائلاً :»علمنا بالتقارير عن تعليق موسكو مشاركتها في اتفاق الحبوب ونتواصل مع السلطات الروسية».

وفي وقت سابق، اتهمت وزارة الدفاع الروسية «أوكرانيا وبريطانيا بتنفيذ الهجوم الذي تسبب في أضرار بإحدى السفن»، مشيرة إلى أن «التحضير لهذا العمل الإرهابي وتدريب عسكريين في المركز الأوكراني الـ 73 للعمليات البحرية الخاصة، نفذّهما متخصصون بريطانيون مقرهم في أوتشاكوف بمنطقة ميكولايف الأوكرانية»، مشيرة إلى أنه «يجب التشديد على أن سفن أسطول البحر الأسود التي تعرّضت لهجوم من إرهابيين كانت مهمّتها حماية أمن ممر الحبوب كجزء من مبادرة دولية لتصدير منتجات زراعية من موانئ أوكرانية».

اتهام مباشر

وفي اتهام آخر ومباشر لبريطانيا بتخريب البنية التحتية الروسية الحيوية، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، اليوم، أنه «وفقا للمعلومات المتاحة، شارك أفراد من البحرية البريطانية في تخطيط ودعم وتنفيذ هجوم إرهابي في بحر البلطيق في 26 سبتمبر الماضي، بتفجير خطَّي أنابيب الغاز نورد ستريم 1 ونورد ستريم 2».

ولم تقدّم وزارة الدفاع أي أدلة على اتهامها، إلا أن وزارة الدفاع البريطانية نددت بـ «ادعاءات روسيا الخاطئة بهدف تحويل الانتباه عن إدارتها الكارثية للغزو غير القانوني لأوكرانيا». وسبق أن ألقت روسيا اللوم على الغرب في التفجيرات التي وقعت الشهر الماضي، وألحقت أضرارا بخطَّي أنابيب «نورد ستريم 1» ون»ورد ستريم 2» الروسيين في قاع بحر البلطيق.

تعديلات بوتين

وخلال لقائه أمس وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن بلاده بحاجة إلى إجراء تعديلات على بنية القوات المسلحة، داعياً وزارة الدفاع لمناقشة التفاصيل المتعلقة بهذه المهمة ليتم اتخاذ القرارات اللازمة خلال وقت قصير.

وقبل أيام، أعلن بوتين حالة الحرب في المقاطعات الأربع التي ضمّتها روسيا شرق أوكرانيا، مع منح صلاحيات أكبر لحكام المناطق والأقاليم الروسية «لضمان الأمن وتنظيم عمل المصانع والمؤسسات لدعم العملية العسكرية».

من جهته، أعلن وزير الدفاع انتهاء عمليات التعبئة الجزئية في البلاد باستدعاء 300 ألف شخص ممن سبقت خدمتهم في القوات المسلحة، مؤكدا أنه لا خطط لتعبئة إضافية. وأكد شويغو، خلال تقديمه تقريرا للرئيس الروسي، أنه تم إرسال 82 ألف جندي إلى جبهات القتال في الشرق الأوكراني.

وحسب شويغو، فإن عملية التجنيد مستقبلا لفائدة الحرب الدائرة في أوكرانيا ستعتمد على المتطوعين والجنود المحترفين بدلا من حشد المزيد من المدرجين في قوة الاحتياطي.

وكان بوتين قد أعلن التعبئة العسكرية الجزئية يوم 21 سبتمبر الماضي، للمرة الأولى في تاريخ روسيا منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، وجاء القرار بعد سلسلة من الهزائم العسكرية التي مُنيت بها روسيا في حربها على أوكرانيا، وجعلتها تنسحب من منطقة خاركيف بشرق أوكرانيا ووضعتها تحت ضغوط متزايدة في منطقة خيرسون في الجنوب.

في المقابل، شكك الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في إعلان موسكو انتهاء عملية التعبئة الجزئية، وقال في خطابه التلفزيوني الليلي إن «القوات الروسية تعاني ضعفا شديدا في التحضير والعتاد، مما يدفعنا للاعتقاد بأن روسيا قد تحتاج قريبا إلى أفواج جديدة من المجندين الذين سيرسلون إلى الحرب».

كما قال زيلينسكي إنه «في العديد من المدن والمناطق في بلادنا، تم قطع الكهرباء لتحقيق الاستقرار». وأضاف أن هذه القيود «تؤثر على نحو 4 ملايين أوكراني».

الانتشار النووي

وبعدما أثار الغزو الروسي لأوكرانيا مواجهة هي الأخطر بين موسكو والغرب منذ أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962، عندما اقتربت القوتان العظميان خلال الحرب الباردة من الدخول في حرب نووية، اعتبرت روسيا أن النشر السريع للأسلحة النووية التكتيكية الأميركية المحدثة (بي 61) في قواعد لحلف شمال الأطلسي (ناتو) في أوروبا من شأنه أن يخفّض «الحد الأدنى للانتشار النووي»، وإن موسكو ستأخذ هذه الخطوة في الاعتبار بتخطيطها العسكري.

وتمتلك روسيا نحو ألفي سلاح نووي تكتيكي قيد التشغيل، بينما تمتلك الولايات المتحدة نحو 200 من هذه الأسلحة، تنشر نصفها في قواعد بإيطاليا وألمانيا وتركيا وبلجيكا وهولندا.

وذكرت صحيفة بوليتيكو الأميركية، أن «الولايات المتحدة أعلنت خلال اجتماع مغلق لحلف شمال الأطلسي أنها ستسرع نشر نسخة حديثة من «بي 61»، وهي «بي 61-12»، وأن الأسلحة الجديدة ستصل إلى القواعد الأوروبية في ديسمبر، مبكرا بعدة أشهر عن الموعد المقرر».

وقال نائب وزير الخارجية الروسي، ألكسندر غروشكو، لوكالة الإعلام الروسية، اليوم، «لا يمكننا تجاهل خطط تحديث الأسلحة النووية، تلك القنابل ذات السقوط الحر في أوروبا».

وتحمل القنبلة «بي 61-12» التي يبلغ طولها 3.6 أمتار رأسا نووية أقل قوة مقارنة بالعديد من الإصدارات السابقة، لكنّها أكثر دقة ويمكن أن تخترق سطح الأرض، وفقا لبحث أجراه اتحاد العلماء الأميركيين نشر عام 2014.

وقال غروشكو: «تعمل الولايات المتحدة على تحديثها، وزيادة دقتها وتقليل قوة شحنتها النووية، أي أنها تحوّل هذه الأسلحة إلى أسلحة تستخدم في ساحة المعركة، وبالتالي تخفض الحد الأدنى للانتشار النووي».

وتابع غروشكو إن على موسكو أيضا أن تضع في الحسبان مقاتلات F35 التي يتم استخدامها في إسقاط مثل هذه القنبلة. وأضاف أن «ناتو» عزز بالفعل الأجزاء النووية في تخطيطه العسكري.

من ناحيته، قال سفير روسيا في واشنطن، أناتولي أنتونوف، اليوم، إن «القنابل بي 61 الجديدة لها أهمية استراتيجية، لأن الأسلحة النووية التكتيكية الروسية مخزنة، ومع ذلك فإن هذه القنابل الأميركية ستقطع مجرد رحلة قصيرة من حدود روسيا».

على صعيد آخر، وجهت السفارة الروسية في برن، أمس ، مذكرة احتجاج لوزارة الخارجية السويسرية، بعد إلقاء مجهولين الطلاء على أرضية مدخل كنيسة ميلاد السيدة العذراء مريم في جنيف، وهي أبرشية تابعة للكنيسة الأرثوذكسية الروسية، وطالبت باتخاذ تدابير عاجلة لتحديد المذنبين ومعاقبتهم».