حولت موجة الأمطار التي شهدتها البلاد قبل أيام العديد من الشوارع إلى بحيرات مما سبب غرق الكثير من المركبات واحتجاز العشرات من الأشخاص داخلها لساعات، وإغلاق عدد من الأنفاق على الطرق السريعة وشل الحركة المرورية في عموم البلاد، كما تسربت المياه إلى سراديب المنازل في عدد من المناطق، وحدث خرير في بعض المدارس والمباني مما أربك دوام العاملين والطلبة في مشهد يكشف عورة البنية التحتية في البلاد وسوء وضعها وعجزها عن استيعاب كميات الأمطار التي سقطت خلال 4 ساعات فقط، وظهر جلياً فشل شبكة تصريف المياه في الشوارع والطرقات التي أُنفق عليها ملايين الدنانير ورأينا طفح كثير من المناهيل في الشوارع رغم الحديث المتكرر لمسؤولي الصيانة في وزارة الأشغال عن تنظيفها وصيانتها.

كما فجرت الأزمة من جديد الحديث حول غياب الحلول الدائمة الخاصة بالأمطار وبطء اتخاذ قرار بشأن ما تم اقتراحه منها، وفي مقدمتها مشروع الأنفاق العميقة الذي جرى الحديث عنه منذ سنوات كحل جذري لتجميع مياه الأمطار في مجرور رئيسي وتوجيهه باتجاه الصحراء وتنقيتها ومعالجتها بدلاً من صرفها على البحر الذي يتزامن وجود أعلى مد به مع هطول الأمطار فيؤدي إلى إعاقة التصريف وتفاقم الأزمة بعد امتلاء الشبكة الداخلية.

Ad

وإذا كنا نحمل وزراء الأشغال الذين تولوا مهمة الوزراء على مدار السنوات الماضية أزمة غرق شوارع الكويت فإنه إحقاقا للحق يجب أن نشيد بما تقوم به وزيرة الأشغال الحالية الدكتورة أماني بوقماز التي وضعت يدها على الجرح وبدأت تشخص بدقة المرض المستعصي على العلاج والذي أصاب شوارع وطرق الكويت في السنوات الأخيرة، حيث اتخذت عدة قرارات منها سحب عقد صيانة وتشغيل محطات ضخ مياه الأمطار للأنفاق الواقعة على الطرق السريعة، ومحاسبة كل من تثبت مسؤوليته عن القصور الذي كشفت عنه الأمطار، كما رفعت قبل أيام طلبا إلى مجلس الوزراء لإلغاء الهيئة العامة للطرق والنقل البري بعد أن تبين أنها منذ إنشائها عام 2014 أنفقت على صيانة الشوارع ما يقارب 3 مليارات دينار، فضلًا عن رواتب الموظفين والتكاليف الإدارية الأخرى، ولم يظهر أي تحسن في الطرق بل استمر تدهورها، ووصلت إلى حالة متدنية، وغرقت شوارع الكويت مع كل مرة يسقط فيه المطر، كما فشلت في حل مشكلة تطاير الحصى.

وفي الختام أود أن أشير إلى أن تخصص هندسة الطرق ورصف وصيانة الشوارع والتعامل مع الأمطار شهد تطورا كبيرا خلال السنوات الماضية بفعل التقدم المستمر في العلوم والتقنيات، وكان على الكويت أن تستعين بأصحاب الخبرات في هذا الشأن، وإن كان هذا التحرك قد بدأ أخيراً، حيث اجتمعت وزيرة الأشغال الدكتورة أماني بوقماز مع ممثلي سفارات الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية وفرنسا وتركيا واليابان والصين وألمانيا لإطلاعهم على الرؤية الكاملة لإصلاح الشوارع خلال الفترة المقبلة تمهيدًا لدراسة التعاقد مع الشركات المرشحة من قبلهم بالأمر المباشر.

ورغم أن هذه الخطوة في محلها ولكن يجب مراعاة أن يترافق إسناد تنفيذ أعمال صيانة الطرق لشركات عالمية مع تطوير وتدريب ورفع كفاءة الجهاز الإشرافي والأخذ بتوصيات ديوان المحاسبة التي من أبرزها ضرورة تدعيم قطاع هندسة الصيانة وإدارة مختبرات الطرق بالإمكانات المادية اللازمة من مستلزمات الأمن والسلامة وأجهزة ومعدات حديثة تواكب التطورات العالمية في مجال رصف وصيانة الطرق، وفحص العينات للخلطة الإسفلتية المحسنة حتى تتمكن من أداء مهام عملها على الوجه الأمثل، والتأكد من ضمان جودة الخلطات الإسفلتية المستخدمة بما ينعكس إيجابا على كفاءة تنفيذ أعمال صيانة الطرق والشبكات، وكذلك مراجعة خطة الإطار العام للخلطة الإسفلتية المحسنة، بحيث يتم وضع مؤشرات قياس لها من خلال إجراءات عمل واضحة ومحددة لكل وحدة تنظيمية معنية بتنفيذ وصيانة الطرق على أن يتم تنفيذها وفق برنامج زمني محدد.