في رد شديد الحدة على تشجيع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن للدول الأخرى على تسليم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بناء على مذكرة توقيف المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، حذر نائب رئيس مجلس الأمن الروسي ديمتري مدفيديف أمس من أن ذلك سيكون بمنزلة «إعلان حرب نووية».

وقال مدفيديف، في مؤتمر صحافي: «لنتخيل، هذا الأمر الذي ندرك تماماً أنه لن يحدث بتاتاً، أنه قد وقع فعلاً. ووصل رئيس دولة نووية فعلياً إلى ألمانيا، على سبيل المثال، وتم اعتقاله هناك. ما هذا؟ هذا طبعاً يعتبر إعلان حرب على روسيا! وفي هذه الحالة، ستتوجه وتطير جميع وسائلنا المتوفرة مستهدفة البوندستاغ (البرلمان) ومكتب المستشار الألماني، وغيرها».

Ad

وتساءل مدفيديف، عن إعلان وزير العدل الألماني ماركو بوشمان امتثاله لقرار اعتقال الرئيس الروسي إذا وصل ألمانيا، «هل يفهم أن هذا إعلان حرب؟ أم أن الوزير الألماني لم يتعلم في المدرسة بشكل جيد؟».

ورأى مدفيديف أن قرار محكمة لاهاي رغم أنه لا قيمة له «يخلق إمكانات سلبية هائلة». وتابع: «علاقاتنا مع الغرب في أسوأ حالاتها في كل التاريخ. وعلى الأغلب كانت أفضل حتى بعد أن ألقى تشرشل خطاب فولتون. وفجأة اتخذوا مثل هذا القرار بخصوص رئيس دولتنا»، الذي علق الشهر الماضي مشاركته في معاهدة «نيو ستارت» لتخفيض الأسلحة النووية مع الولايات المتحدة.

ونبّه رئيس روسيا السابق على أن خطر اندلاع الحرب النووية «لم يتراجع بل على العكس في تزايد»، معتبراً أن كل يوم يزيد فيه الغرب إمداد أوكرانيا بالسلاح «يقرب من اندلاع الجحيم النووي».

وأشار إلى أن السنوات العشر المقبلة «لن تكون هادئة بسبب رغبة الغرب بالهيمنة»، معرباً عن يقينه بأن الغرب سيتدخل في الانتخابات الرئاسية الروسية المقررة في 2024.

زواج مصلحة

وفي واشنطن، شدد بلينكن على أن الولايات المتحدة ستشجع الدول الأخرى على تسليم بوتين إذا قام بزيارتها، معتبراً أن «أي عضو في محكمة لاهاي يترتب عليه التزامات يجب أن يفي بها».

وخلال جلسة استماع أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ، شبّه وزير الخارجية الأميركي التقارب بين روسيا والصين بـ «زواج مصلحة»، قائلاً «بما أنّ لديهم وجهة نظر عن العالم مختلفة تماماً عنا، فقد دخلوا في زواج مصلحة لست واثقاً من أنّه عن اقتناع ومن الواضح أنّ روسيا هي الشريك الأضعف في هذه العلاقة».

وتابع الوزير الأميركي: «لست متأكّداً من أنّ روسيا أو بوتين يريدان نظاماً عالمياً، إنّهما يريدان فوضى عالمية».

وخلال زيارته لموسكو اعتبر شي وبوتين أنّ العلاقة «الخاصة» بين بلديهما دخلت «حقبة جديدة» في مواجهة الغرب.

وفي جلسة أخرى، أكد بلينكن أنّ الصين لم «تتجاوز بعد خط» تسليم أسلحة فتّاكة لروسيا، لكنه اعتبر دعمها الدبلوماسي والسياسي وإلى حد ما المادي يتعارض بالتأكيد مع مصلحة واشنطن في إنهاء حرب أوكرانيا.

وقبل ساعات، أكد نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف أن خطر نشوب صراع نووي بلغ الآن أعلى مستوياته منذ عقود.

وأشار ريابكوف، في مؤتمر نادي «فالداي» للحوار أمس الأول، إلى أن الدول غير النووية، وخصوصاً تلك غير المتحالفة مع الولايات المتحدة، يجب أن «تخاطب بصوت أعلى المسؤولين في العواصم الغربية الذين فقدوا تماماً إحساسهم بالواقع»، مبيناً أن روسيا لن تحيد عن «مواقفها العقائدية والسياسية» المتعلقة باستخدام السلاح النووي.

وأعاد ريابكوف التهديد بأن موسكو مستعدة للدفاع عن نفسها بكل الوسائل، إذا أقدمت واشنطن على إسقاط أي من طائرتها في المجال الجوي الدولي.

ورفض المتحدّث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي تنديد روسيا بخطة بريطانية لتزويد أوكرانيا بذخائر خارقة للدروع تحتوي على يورانيوم منضّب، ووصف شكاواها بأنّها حجج «واهية».

وبعد توديع الرئيس الروسي لنظيره الصيني، شنت القوات الروسية أمس موجة من الضربات الجوية في شمال وجنوب أوكرانيا بالطائرات المسيرة الإيرانية والصواريخ.

وغداة نجاحه في إسقاط 16 من أصل 21 مسيرة انتحارية من طراز «شاهد»، قال الجيش الأوكراني: «يواصل العدو شن عمليات هجومية على المناطق المجاورة لباخموت وبوهدانيفكا وبريدتي والعديد من التجمعات السكنية بالقرب من خط التماس».

وقال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ينس ستولتنبرغ أمس إنه سيتعين على الدول الغربية دعم أوكرانيا بالأسلحة والذخيرة وقطع الغيار لفترة طويلة، مشيراً إلى أن بوتين «لا يخطط للتوصل للسلام، إنما يخطط لمزيد من الحرب».

وأوضح أن روسيا تعزز من الانتاج الصناعي العسكري، كما تتواصل مع الأنظمة السلطوية في محاولة للحصول على مزيد من الأسلحة، لافتاً إلى أن «الحاجة لذلك سوف تستمر، لأن هذه حرب استنزاف تتعلق بالقدرة الصناعية على الحفاظ على الدعم».

وعلى الأرض، حذّر المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي من أنّ الوضع في محطة زابوريجيا النووية لا يزال «محفوفاً بالمخاطر» بسبب استمرار انقطاع خط كهربائي مخصّص للاستخدام في الحالات الطارئة لا يزال من جرّاء ضربة صاروخية روسية. وفيما أطلقت روسيا قمراً صناعياً عسكرياً من قاعدة بليسيتسك الفضائية، قالت المخابرات البريطانية إنها استعادت السيطرة جزئيا على الطرق المؤدية إلى بلدة كريمينا بشرق أوكرانيا، بعد أن اضطرت قواتها إلى التراجع من المنطقة في وقت سابق من العام الجاري.

وفي تحدٍّ جديد، توجه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أمس، الى منطقة خيرسون المحتلة جزئيا من روسيا، وذلك غداة زيارته الجبهة الشرقية وتحديداً مدينة باخموت، الواقعة على الخطوط الأمامية للقتال المستعر.

وزار زيلينسكي خصوصاً بلدة بوساد- بوكروفسكي، التي تعرضت لدمار كبير، واحتلها الجيش الروسي حتى انسحابه في خريف 2022، وتعهّد بتحرير واستعادة «كل شيء»، في اشارة الى كل المناطق الاوكرانية التي تحتلها روسيا.