عقد نواب من مجلس الأمة الكويتي ندوة زعموا فيها أنهم إصلاحيون، والحكومة الفاسدة، كما يدّعون، هي من يعرقل إصلاحاتهم، ومن الأمثلة التي ضربوها لتصديق مزاعمهم، قولهم إن شوارع الكويت خربة يتطاير منها الحصى، ويؤكدون أنك إذا أردت التأكد من مستوى تقدم الدول ما عليك إلا أن تلقي نظرة على شوارعها.

لا شك أن لدينا بعض الشوارع السيئة وبحاجة إلى صيانة، لكن الأسوأ من ذلك ما يقوم به بعض النواب من افتعال مشاكل قد تلحق ضرراً كبيراً بنظامنا الديموقراطي الذي يجب أن نحافظ عليه، فإذا كانت لدينا شوارع بحاجة إلى صيانة، فإن لدينا أيضا الكثير من الطرق والشوارع والجسور الجديدة والنظيفة، لكن مشكلة بعض الأعضاء أنهم لا يبحثون إلا على العيوب في الدولة وبضخمونها وتتعامى أبصارهم عن كل ما فيها من جمال، كما قال الشافعي:

Ad

وَعَينُ الرِضا عَن كُلِّ عَيبٍ كَليلَةٌ

وَلَكِنَّ عَينَ السُخطِ تُبدي المَساوِيا

فعيونهم التي أعماها الحقد والكراهية أصبحت لا ترى إلا العيوب، كأنهم يريدون هدم الدولة، كما أن تقدم الدول أو تخلفها لا يقاس بجمال شوارعها فقط، بل يجب التمعن في النظام التعليمي والقضائي والإداري والنظام السياسي والازدهار التجاري، ولا ينبغي التركيز على الشوارع فقط، فكم من دولة شوارعها نظيفة لكنها مدمرة من الداخل، وشعوبها محرومة من المشاركة في اتخاذ القرارات التي تهم الوطن والمواطن.

لقد كشفت تلك الندوة عن فكركم السطحي والساذج والضحل، الذي يهتم بالشكل والمظهر ويتجاهل المضمون والمحتوى.

وسبب خلافكم مع الحكومة واضح، تريدون أن تفرضوا على الدولة أن تنفق مليارات من الأموال العامة لتحقيق مصالحكم الانتخابية، والحكومة محقة في رفضها لهذا الطلب الجائر البعيد عن التعقل والخالي من الحكمة.

لا ينبغي ولا يجوز أن تنفق أموال الدولة لتحقيق مصالح خاصة بالأعضاء، أموال الدولة يجب الحفاظ عليها، ولا يجوز إنفاقها إلا على مشاريع مدروسة من قبل خبراء ومخططين تثبت أهميتها لمستقبل الدولة، لا مصلحة ثلاثين نائبا أو أكثر من نواب المجلس.

نحن بحاجة إلى حكومة قوية قادرة على التصدي لتلك المقترحات الضارة ببلادنا مع المحافظة على نظامنا الديموقراطي.