أكبر عملية اكتتاب عام تمت خلال العقود الماضية لم تكن في البورصة ولا في الاقتصاد، بل كانت عملية الانتخابات الأخيرة 2022، وككل اكتتاب امتلك كل ناخب سهما وضعه في الصندوق الانتخابي على أمل أن يجلب له استثماره ربحا يراه بأم عينه مستقبلا في حياته وحياة أسرته، وهذا السهم الانتخابي قد ينطلق نحو هدفه المرجو وبنجاح لو حقق رماة هذا المجلس الآمال والتطلعات الشعبية، وساهموا في حلحلة العقدة التصادمية بين جناحي المجلس من السلطتين، هذه العقدة التي عقّدت وضعها الداخلي أيما تعقيد كما شهدنا خلال العقود الماضية، وكما جاء في مضامين الخطاب السامي الذي دشن مرحلة تعديل المسار، وكذلك الخطاب السامي في جلسة الافتتاح الذي أنار الدرب للباحثين عن السمعة في آخر نفق التعطيل، وكما شهدناه أيضا كمواطنين من تراجع محزن لمناحٍ تمس حياتنا مباشرة، وتقزّم مخجل لدور المؤسسات الوطنية وابتعادها عن دورها في دفعنا في سياق ركب التطور والتحديث الذي سبقنا في ميدانه الكثير من الأمم المجاورة والبعيدة.

يا مجلسنا الدستوري الأول بجناحيه التشريعي والتنفيذي لا تنسَ، رعاك الله، أننا وضعنا كل أسهمنا في كنانة الثقة بك، فلا تضيعها هباء في صراعات دونكيشتوية تحارب طواحين الأوهام والمصالح الضيقة والثارات الشخصية، وشد قوسك جيداً ثم ارم بها نحو لبّ أهداف تحقق لنا الرفاهية في حياتنا ومعيشتنا وتطور نتمناه في مدركات التعليم والصحة والبنية التحتية وغيرها، شد قوسك واحمِ حقوقنا التي أقسمت عليها قبل الرمي، ولا تكن مجلسا فارغا تائها علمناه الرماية بأصواتنا فلما اشتد ساعده رمانا في الهاوية.
Ad