قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني، إن أسعار النفط تحركت ضمن نطاق محدود خلال شهر فبراير، لكنها أنهت تداولات الشهر على تراجع وسط مخاوف من مواصلة البنوك المركزية سياسات التشديد النقدي، مما أثر سلباً على المعنويات بوتيرة أكبر من التأثير الإيجابي المحتمل لزيادة الطلب العالمي على النفط بعد إعادة فتح الصين لاقتصادها.

في التفاصيل، أنهى سعر مزيج خام برنت تداولات الشهر عند مستوى 83.9 دولاراً للبرميل (-0.7% على أساس شهري، -2.4% منذ بداية السنة)، مسجلاً بذلك الشهر الثاني على التوالي من التراجع.

Ad

في حين أنهى المؤشر المحلي، خام التصدير الكويتي، الذي يتم تسويقه بشكل أساسي في آسيا، تداولات الشهر عند 83.0 دولاراً للبرميل (+0.6% على أساس شهري، +1.2% منذ بداية السنة).

وخلال شهر فبراير، كانت الأسعار عرضة لمؤشرات متضاربة ما بين الهبوط والصعود. وبالنسبة للضغوط الهبوطية، تزايدت مخاوف الأسواق بشأن مواصلة دورة رفع أسعار الفائدة بوتيرة أعلى ولمدة أطول بعد صدور البيانات الاقتصادية الأميركية القوية، في حين أشار استمرار بناء مخزونات الخام الأميركي إلى ضعف الطلب على النفط بوتيرة أعلى من المتوقع. وعلى الجانب الإيجابي، تحسنت مؤشرات الاقتصاد الصيني بعد رفع تدابير احتواء الجائحة وأعلنت روسيا عن خفض «طوعي» للإنتاج بمقدار 500 ألف برميل يومياً اعتباراً من مارس. كما أكدت منظمة أوبك وحلفاؤها عزمها إبقاء مستويات الإنتاج دون تغيير وسط استمرار حالة عدم اليقين بشأن الطلب على النفط.

ويبدو أن الطلب العالمي على النفط على وشك التحرك بوتيرة متسارعة وسط رفع تدابير احتواء الجائحة في الصين والبيانات الاقتصادية القوية في الولايات المتحدة.

ورفعت وكالة الطاقة الدولية وأوبك أخيراً توقعاتهما لنمو الطلب على النفط للعام 2023 بمقدار 200 ألف برميل يومياً إلى 2.0 مليون برميل يومياً و100 ألف برميل يومياً إلى 2.3 مليون برميل يومياً، على التوالي.

وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن تستحوذ الصين على نصف الزيادة المتوقعة، مما يساهم في نمو الطلب العالمي لمستوى جديد يصل إلى 101.9 مليون برميل يومياً في عام 2023.

وتحسنت مؤشرات التنقل القادمة من الصين، مع ارتفاع مستويات الازدحام خلال فبراير وعودة أنشطة النقل لمستوياتها الطبيعية، مما سيؤثر إيجاباً على الطلب على النفط والمنتجات المكررة.

وعلى صعيد العرض، بقي الإنتاج الروسي يباغت توقعات الانخفاض الملحوظ للإمدادات، إذ اضطرت وكالة الطاقة الدولية لمراجعة تقديراتها لانخفاض الإنتاج الروسي في الربع الأول من عام 2023 ولعام 2023 بمقدار 460 ألف برميل يومياً إلى 10.84 ملايين برميل يومياً، وبنسبة 290 ألف برميل يومياً ليصل في المتوسط إلى 10.0 ملايين برميل يومياً، على التوالي.

وتقدر وكالة الطاقة الدولية انخفاض الإنتاج الروسي بنحو 1.3 مليون برميل يومياً في المتوسط في عام 2023.

ومن المثير للاهتمام أن أوبك تتوقع تراجع إنتاج روسيا من 10.28 ملايين برميل يومياً في الربع الأول من عام 2023 لمستوى منخفض يبلغ 10.0 ملايين برميل يومياً في الربع الثاني من عام 2023، على أن يرتفع مجدداً في النصف الثاني من عام 2023 إلى 10.15 ملايين برميل يومياً في الربع الرابع من عام 2023. وتقدر «أوبك» هذا الانخفاض بنحو 0.85 مليون برميل يومياً.

لكن هناك إجماعاً واضحاً على أن السوق سوف يصبح ضيقاً بوتيرة متزايدة في فترة لاحقة من العام على خلفية توقف الإمدادات الروسية واستمرار إدارة أوبك وحلفائها للإمدادات.

وحذرت وكالة الطاقة الدولية في أحدث تقاريرها عن سوق النفط، قائلة، إن الفائض الحالي في السوق «يمكن أن يتحول بسرعة لعجز مع تعافي الطلب وتوقف جزء من الإنتاج الروسي». ويأتي الخفض المتعمد للإنتاج الروسي (لنحو 9.35 ملايين برميل يومياً) اعتباراً من مارس في أعقاب الحظر الذي فرضه الاتحاد الأوروبي ووضع الاتحاد ومجموعة الدول الصناعية السبع سقفاً على أسعار الشحنات الروسية من المنتجات النفطية المكررة.

وبالرغم من اعتبار العديد من الجهات أن تلك الخطوة قد تكون ناتجة عن الحظر المفروض، فإن من المحتمل بنسبة متساوية أن تكون تحركاً انتقامياً من جانب الكرملين لرفع الأسعار عن طريق تضييق أوضاع السوق.

وعن أوبك وحلفائها، فإلى جانب رفضها للتكهنات بأن المجموعة التي تقودها السعودية ستتدخل لتعويض الإمدادات الروسية المفقودة، أكد الأمير عبدالعزيز بن سلمان عزم أوبك وحلفائها عدم زيادة الامدادات خلال العام.

وفي الكويت، زاد إنتاج النفط هامشياً في يناير إلى 2.69 مليون برميل يومياً (+45 ألف برميل يومياً على أساس شهري)، وهو مستوى أعلى بقليل من الحصة المقررة البالغة 2.67 (معدل امتثال 87%)، وفقاً لمصادر الأوبك الثانوية.

وأعلن الرئيس التنفيذي لمؤسسة البترول الكويتية الشيخ نواف سعود الصباح، عن خطط لاستثمار 80 مليار دولار على مدى السنوات الخمس المقبلة بما يتماشى مع خطط المؤسسة التوسعية طويلة الأجل. ويبدو أن الاستثمارات الهائلة الموجهة لصناعات التكرير والتصنيع والتسويق بنحو 30 مليار دولار في مشروعي الوقود البيئي ومصفاة الزور الجديدة اللذين بدآ يؤتيان ثمارهما، إذ عززت الكويت صادراتها من الديزل وزيت الوقود منخفض الكبريت بمواصفات أوروبية من مصافيها للحد من قلة إمدادات نواتج التقطير في منطقة اليورو.

وصدرت الكويت 123 ألف برميل يومياً من المنتجات المكررة إلى أوروبا في ديسمبر (+81% على أساس سنوي).

ورأى الشيخ نواف السعود أن شحنات الديزل إلى أوروبا ستزيد بأكثر من الضعف لتصل إلى 2 مليون طن (+41 ألف برميل يومياً) في عام 2023. ولا تزال حالة عدم اليقين تمثل محور التركيز الرئيسي في أسواق النفط إذ يلوح ركود محتمل في الاقتصادات المتقدمة على توقعات عام 2023.

وخفضت منظمات الطاقة والعديد من الشركات توقعاتها للأسعار خلال شهر فبراير لتعكس حالة عدم اليقين الاقتصادي.

وبالنسبة للبعض كان هذا اعتدال في التقديرات المفرطة في التفاؤل حتى الآن.