مع احتدام القتال داخل مدينة باخموت الأوكرانية، شرق أوكرانيا، بين القوات الروسية ونظيرتها الأوكرانية، ووسط خلاف علني تخلّله تبادل اتهامات بين وزارة الدفاع الروسية وميليشيات «مجموعة فاغنر» العسكرية الخاصة، تفقّد وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، أمس، مركز قيادة أحد تشكيلات مجموعة فوستوك (الشرق) في منطقة جنوب دونيتسك في زيارة نادرة، في حين دعا قائد «فاغنر»، يفغيني بريغوجين، المعروف باسم «طباخ بوتين» الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى إعلان انسحاب قواته من باخموت، لأنها حوصرت عملياً بالكامل.

وأكد شويغو، خلال هذه الزيارة الميدانية النادرة، أهمية ضمان الدعم الشامل لقوات الشرق، وكذلك ضمان الخدمات الطبية وتنظيم عمل وحدات الدعم، وشكر جميع العسكريين لأداء مهامهم في العملية الخاصة، وقلّد أوسمة لعدد منهم، مؤكداً أنه لا يزال هناك الكثير من العمل بالمستقبل.

Ad

وتعرّض شويغو، الذي شغل منصب وزير الدفاع منذ 2012 لانتقادات حادة حول أدائه في الصراع من مؤيدين للحرب، والشهر الماضي اتهمه بريغوجين، حليف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المقرب، بـ «الخيانة» لحجب إمدادات الذخيرة عنه.

وأكدت المخابرات البريطانية تدمير الجسرين الرئيسيين في باخموت خلال الساعات الست والثلاثين الأخيرة، مشيرة إلى أن طرق الإمداد التي تسيطر عليها أوكرانيا خارج المدينة باتت محدودة.

وصرّح نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، فرحان حق، بأن آلاف السكان، وضمنهم مئات الأطفال، محاصرون في باخموت، مشيراً إلى أنه بسبب الوضع الأمني فإن جهود إجلاء المدنيين تتركز على الفئات الأكثر هشاشة.

هجوم بريانسك

وتعرّض بوتين والجيش لانتقادات داخلية جديدة بعد حادثة التسلل الخميس الماضي الى داخل الأراضي الروسي التي أعلن «فيلق المتطوعين الروس» مسؤوليته عنها في منطقة بريانسك.

وقال بوتين إن بلاده تعرّضت لـ «هجوم إرهابي» في هذه المنطقة الجنوبية على الحدود مع أوكرانيا، وتعهّد بسحق ما وصفها بأنها جماعة تخريبية أوكرانية أطلقت النار على مدنيين. وأمس الاول، قال «الكرملين» إنه سيتخذ إجراءات لمنع تكرار توغّل مَن وصفهم بـ «القوميين» المدعومين من أوكرانيا عبر الحدود.

وتتهم أوكرانيا روسيا بتدبير أعمال «استفزازية» وهمية، لكنها تلمّح أيضا إلى من يبدو أنهم مناهضون للحكومة الروسية نفّذوا بالفعل نوعا من العمليات.

وبحسب وسائل إعلام غربية، يضم هذا الفيلق أكثر من 700 جندي، ويمثّل أكبر تجمّع لمواطنين يحملون جوازات سفر روسية، على استعداد لحمل الأسلحة ومحاربة دولتهم لمواجهة غزو أوكرانيا.

وقال مسؤولون عسكريون أوكرانيون إن الفيلق الروسي «يعمل بشكل مستقل»، رغم صلاته بالجيش الأوكراني، وفقا لـ «واشنطن بوست».

وطالب المتشددون الروس المؤيدون للحرب بالانتقام واتباع نهج أكثر صرامة، حيث قال بريغوزين إن «الخط الأحمر» لروسيا بأنها لن تتسامح مع الهجمات من تلقاء نفسها «قد تمّ عبوره مرة أخرى».

وقال يوري كوتينوك، وهو أحد الصحافيين العسكريين والمؤيدين المتحمسين للغزو، إن التوغل كان «ثمرة واضحة ومرئية لإفلات العدو من العقاب».

وكتب كوتينوك في مدونته على «تليغرام»، إن فشل موسكو في الانتباه إلى الهاربين الذين يهاجمون روسيا و»كتائب الطابور الخامس» داخل البلاد، جعل العدو أكثر جرأة.

وتساءل: «ما الذي يجب أن يحدث أيضا لكي تتوقف موسكو عن العجز في إجراءاتها الانتقامية ضد العدو؟ هل يجب على الأوكرانيين تدمير محطة للطاقة النووية أم الوصول إلى الميدان الأحمر؟»، مضيفا «نحن بحاجة إلى اتخاذ إجراء».

ومثل العديد من المتشددين الآخرين، ألقى كوتينوك باللوم على «عدم كفاءة القيادة العسكرية» و»قدرات التسلح المحدودة» لفشل روسيا في تصعيد العدوان على أوكرانيا، وفق «واشنطن بوست».

بايدن وشولتس

في هذه الأثناء، تعهّد الرئيس الأميركي جو بايدن والمستشار الألماني أولاف شولتس، أمس الأول، بمواصلة دعم أوكرانيا «مهما استغرق الأمر وما دام كان ذلك ضروريا»، وجعل روسيا تدفع ثمن الحرب، ووجها رسالة وحدة من البيت الأبيض إلى الصين بشكل غير مباشر.

وأعلنت الولايات المتحدة مساعدة عسكرية جديدة لأوكرانيا بقيمة 400 مليون دولار خلال زيارة لواشنطن أجراها المستشار الألماني أولاف شولتس، وشكّلت فرصة لتأكيد الدعم الغربي لكييف.

وعشية زيارة رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا إلى أوكرانيا، أجرى وزير العدل الأميركي ميريك غارلاند زيارة مفاجئة إلى لفيف، المدينة الكبرى في غرب أوكرانيا القريبة من بولندا.

وأكد غارلاند، في مؤتمر «متحدون من أجل العدالة»، «تصميم واشنطن على محاسبة روسيا على الجرائم التي ارتُكبت خلال غزوها الجائر وغير المبرر لجارتها ذات السيادة».

بدوره، أعلن المدعي العام الأوكراني، أندريه كوستين، موافقة الحكومة على مذكرة تتيح فتح مكتب للمحكمة الجنائية الدولية في أوكرانيا قريباً، موضحاً أن هذا «سيسمح لمدعي محكمة الدولية بالتحقيق بشكل كامل في أكثر من 70 ألف جريمة حرب جرائم ارتكبتها روسيا ويجب إدانة رئيسها فلاديمير بوتين وجميع شركائه».