وسط مخاوف من نقل أوكرانيا المعركة لعمق روسيا، تحطّمت عدة طائرات مسيّرة أمس بمنطقة العاصمة موسكو ومدينة بيلغورود وجمهورية أديغيا، تزامناً مع اندلاع حريق كبير في مصفاة لتكرير النفط في ميناء توابسي، وإغلاق أجواء العاصمة الشمالية سانت بطرسبورغ.

وتكشفت الهجمة المفاجئة، بإعلان حاكم منطقة موسكو أندريه فوروبييف سقوط مسيرة كانت تستهدف مركز توزيع الغاز بقرب كولومنا.

Ad

وأقرت وزارة الدفاع الروسية بالهجمة الواسعة، واتهمت كييف باستخدام مسيرات لمهاجمة البنية التحتية في كراسنودار وأديغيا، مؤكدة أن وحدات الحرب الإلكترونية تمكنت من إحباط العملية المنسقة وإسقاط المسيرات دون إلحاق أضرار.

وإذ أكد رئيس جمهورية أديغيا مراد كومبيلوف سقوط جسم طائر مجهول في إحدى مزارع جياجينسكي، أفاد محافظ منطقة بيلغورود فياتشيسلاف غلادكوف بتحطم 3 مسيرات أوكرانية في شوارع المدينة، مشيراً إلى أن فرق الطوارئ والقوات الخاصة تتعاملان مع الحادث.

إلى ذلك، اندلع حريق كبير في مصفاة تكرير النفط في ميناء توابسي، الذي أوضحت إدارته أنه أتى على مساحة تقدر بـ 200 متر مربع قبل أن يتم إخماده. وشوهدت أعمدة الدخان وأبلغ السكان عن انفجارات إثر استهداف طائرات مسيرة منطقة كراسنودار، على ساحل البحر الأسود.

غلق الأجواء

في هذه الأثناء، أغلقت إدارة الطوارئ أجواء بطرسبورغ لمسافة 200 كيلومتر، وأبلغت الرئيس فلاديمير بوتين بهذا الإجراء، قبل إعادة حركة الطائرات بعد تأخير 12 ساعة.

وامتنع المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف عن التعليق على أنباء ربطت بين إغلاق أجواء بطرسبورغ وتعرض طائرات تجسس روسية لهجوم في بيلاروس أو الهجوم على منشآت الطاقة في مدينة توابسي.

وفي حين أكدت وكالة «فونتانكا» رصد جسم طائر مجهول بأجواء بطرسبورغ أدى لوقف الطيران وانطلاق المقاتلات، قالت الطوارئ، إن خوادم المحطات الإذاعية والقنوات التلفزيونية في بعض المناطق تعرضت لهجوم سيبراني أدى لبث معلومات حول إنذار جوي لا يتوافق مع الواقع.

وقطع قراصنة البث الإذاعي في مقاطعة فورونيغ والقرم، ونشروا على الهواء رسائل حول التأهب الجوي مع توصيات للسكان بالتوجه إلى الملاجئ.

وفي وقت سابق، اتهم قائد قوات الحماية الإشعاعية إيغور كيريلوف واشنطن بالتخطيط لاستفزاز كيماوي بأوكرانيا وتزويد حلف «الناتو» لها بـ 600 ألف جرعة ترياق سام.

دعم القوات

إلى ذلك، طلب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من جهاز الأمن الاتحادي (إف إس.بي) أمس تكثيف نشاطه في مكافحة ما أسماه تزايد أنشطة التجسس والتخريب من جانب أوكرانيا والغرب.

وفي كلمة أمام المسؤولين، قال بوتين، إن على الجهاز وقف «جماعات التخريب» التي تدخل روسيا قادمة من أوكرانيا وتكثيف جهود حماية البنية التحتية ومنع أجهزة الأمن الغربية من إعادة تنشيط ما أطلق عليه خلايا إرهابية أو متطرفة داخل روسيا.

وقال بوتين «دائماً اعتادت أجهزة المخابرات الغربية أن تكون نشيطة دوماً في روسيا، والآن ألقوا علينا أفراداً إضافيين وموارد تقنية وموارد أخرى إضافية. يتعين علينا اتخاذ رد فعل إزاء ذلك».

وأصدر توجيهات للجهاز بمنع تدفق الأسلحة بصورة غير مشروعة إلى روسيا وتعزيز الأمن في أربع مناطق من أوكرانيا استولت موسكو عليها جزئياً وأعلنتها جزءاً من أراضيها، في تحرك نددت به أغلب الدول الأعضاء بالأمم المتحدة ووصفته بأنه غير قانوني.

ودأب بوتين على حث الروس على أن يأخذوا حذرهم من الخونة في وسطهم، وهي نبرة عاد إليها أمس، إذ قال «من الضروري تحديد ومنع الأنشطة غير القانونية لمن يحاولون تشتيت مجتمعنا وإضعافه».

على الأرض، واصل الجيش الروسي محاولاته للسيطرة على مدينة باخموت الشهيرة بالتعدين بهدف قطع خطوط الإمداد عن القوات الأوكرانية وإجبارها على الاستسلام أو الانسحاب، الأمر الذي من شأنه أن يمنحه أول انتصار واضح منذ أكثر من نصف عام ويمهد الطريق للاستيلاء على آخر المراكز الحضرية في منطقة دونيتسك.

وقال قائد القوات البرية الأوكراني أولكسندر سيرسكي الذي زار الجبهة أخيراً، إن «الوضع حول باخموت متوتر جداً ورغم الخسائر الكبيرة، ألقى العدو بأكثر الوحدات الهجومية استعداداً لمجموعة فاغنر، الذين يحاولون اختراق دفاعات قواتنا ومحاصرة المدينة».

«الناتو» والصين

واعتبر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي «الناتو»، ينس ستولتنبرغ، أن توسيع المساعدة لأوكرانيا دون التصعيد مع روسيا أمر مستحيل.

وبعد أن قللت موسكو من أهمية الخطة الصينية للسلام، أعلن رئيس الاستخبارات الأوكرانية كيريلو بودانوف أنه لا يرى «أي مؤشر» على أن الصين تعتزم تزويد روسيا بأسلحة، مشيراً إلى أن إمداداتها تقتصر على إيران الآن. وكانت الولايات المتحدة حذرت على مدى الأيام السابقة من مساعي صينية لتسليح موسكو محذرة من أن هذه الخطوة ستؤدي إلى عزل الصين.

وخلال زيارتها غير المعلنة إلى كييف ولقائها زيلينسكي، كررت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين، أمس الأول، تحذيرها للصين من تزويد روسيا بأسلحة فتاكة، مبينة أن «مثل هذه الخطوة ستؤدي إلى عواقب وخيمة».

جولة بلينكن

وفي إطار جولة لتعزيز نفوذ واشنطن في آسيا الوسطى ومنع روسيا من الالتفاف على العقوبات الغربية، جدد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن تحذير الصين، مؤكداً أن إدارة الرئيس جو بايدن لن تتردد في معاقبة شركاتها وأفرادها إذا انتهكت العقوبات المفروضة على روسيا.

وفي أستانا، بدأ بلينكن لقاءاته مع وزراء خارجية الجمهوريات السوفياتية السابقة الخمس كازاخستان وأوزبكستان وقرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان، سعياً لتعزيز الوجود الأميركي في هذه المنطقة الواقعة ضمن دائرة نفوذ الجار الروسي القوي والصيني المتنامي.