واصلت روسيا التلويح بنيّة كييف استخدام «قنبلة قذرة»، رغم النفي الأميركي ـ البريطاني ـ الفرنسي، بعد اتصالات غير مسبوقة لوزراء دفاع الدول الثلاث مع نظيرهم الروسي سيرغي شويغو، الأمر الذي عزّز التساؤلات التي يثيرها عدد من المحللين بأن التلويح الروسي قد يكون مجرد تمهيد لأن تبادر موسكو بنفسها لاستخدام هذا السلاح الفتاك.

وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف للصحافيين، عقب مباحثات أجراها مع الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، حسين طه في موسكو أمس، إن المعلومات عن تحضير أوكرانيا لاستخدام «قنبلة قذرة» قد أعيد فحصها، وأنها ليست محل شك لا أساس له. وأضاف: «لدينا معلومات محددة عن أن تلك المؤسسات في أوكرانيا وتلك المعاهد العلمية التي تمتلك التكنولوجيا، تعتزم تصنيع تلك القنبلة القذرة للغاية».

بدوره، أكد المسؤول عن المواد المشعّة والمنتجات الكيماوية والبيولوجية داخل الجيش الروسي، اللفتنانت الجنرال إيغور كيريلوف، في بيان، أنه «وفقاً للمعلومات المتوافرة لدينا، هناك منظّمتان أوكرانيّتان لديهما تعليمات محدّدة لصنع القنبلة القذرة. وقد دخل عملهما المرحلة الأخيرة».
Ad


وقال إن «الهدف من هذا الاستفزاز اتهام روسيا باستخدام أسلحة دمار شامل في أوكرانيا، وبالتالي إطلاق حملة ضخمة معادية لروسيا في العالم»، معتبراً أن كييف تريد على وجه الخصوص «تخويف السكان المحليين وزيادة تدفّق اللاجئين عبر أوروبا».

كذلك، اتهم كيريلوف المملكة المتحدة «بالحفاظ على اتصالات مع كييف بشأن مسألة إمكانية حصول أوكرانيا على التقنيات الضرورية لإنتاج الأسلحة النووية». جاء ذلك، بعد أن أعلنت الولايات المتحدة وبريطانيا فرنسا، في بيان مشترك عقب اتصالات بين وزراء دفاع البلدان الثلاث مع شويغو، الذي اتهم خلالها كييف بالتحضير لاستخدام قنبلة قذرة: «نرفض المزاعم الكاذبة لروسيا بأن أوكرانيا تستعد لاستخدام قنبلة قذرة على أراضيها»، مضيفة أن «العالم سيرى، من خلال أي محاولة لاستخدام هذا الادعاء، ذريعة للتصعيد. نرفض أي ذريعة للتصعيد من جانب روسيا». وجددت الدول الثلاث التزامعها بمواصلة الدعم لأوكرانيا للدفاع عن نفسها لأطول فترة ممكنة.

من ناحيته، أفاد وزير الدفاع الأوكراني، ألكسي ريزنيكوف بأن «المجرمين الروس يحاولون بشكل استباقي إلقاء مسؤولية جريمتهم الخاصة بهم على ضحية العدوان»، مشددا على أن المواقع النووية الأوكرانية مفتوحة أمام المنظمات الدولية، لا سيما الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وفي وقت سابق، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن روسيا هي الدولة الوحيدة القادرة على استخدام الأسلحة النووية في أوروبا.

وصُمّمت «القنبلة القذرة»، أو الأسلحة النووية المنخفضة القوة، لتلويث منطقة واسعة بمواد مشعّة، مما يجعلها خطيرة على المدنيين. إلا أنها لا تنطوي على انفجار نووي.

وفي وقت أعلن الاتحاد الأوروبي أن المسيّرات الإيرانية في أوكرانيا «ترقى إلى جرائم حرب»، أكدت وزارة الدفاع البريطانية، أمس، أن روسيا تواصل استخدام طائرات مسيّرة إيرانية الصنع لمهاجمة أهداف في أوكرانيا، واصفة الجهود الأوكرانية للتصدي لها بأنها «ناجحة بشكل متزايد».

من ناحيتها، أفادت صحيفة نيويورك تايمز بأن كييف نجحت في وضع استراتيجية لمكافحة المسيرات منذ بدأت روسيا استخدامها الشهر الماضي. وأشارت الصحيفة الى 3 تكتيكات مختلفة تعتمدها كييف لإسقاط المسيّرات الإيرانية من خلال: أولاً، طائرات مقاتلة تقوم بدوريات على مدار الساعة، وثانياً، صواريخ أرضية مضادة للطائرات، وثالثاً، فرق من الجنود المسلحين بالبنادق الآلية يحاولون إسقاط المسيّرات أثناء تحليقها.

وقال مستشار وزير الدفاع الأوكراني، يوري ساك، إن قواته تمكنت - رغم كل العراقيل - من إسقاط نحو 70 بالمئة من طائرات «شاهد 136» المسيّرة التي اشترتها روسيا من إيران في أغسطس.

وأشار الى أن «هذه المسيرات لم يتم تطويرها خصيصا لأوكرانيا»، مضيفاً: «إنهم يستخدمون أوكرانيا كأرض اختبار، لمعرفة نقاط الضعف، وعاجلا أم آجلا سيستخدمونها ضد إسرائيل». وأَضاف: «إذا تمكّنت أوكرانيا من تعلّم إسقاط الدرون بجهدها الثلاثي، فإنّ جيوش الدول المتحالفة يمكن أن تجني ثمار هذه التجربة التي تحققت بشقّ الأنفس».

ونقلت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية عن مسؤول أوكراني، في حديث غير رسمي، قوله إن «إسرائيل قدّمت معلومات استخباراتية مفيدة لاستهداف الطائرات الإيرانية من دون طيار».

6 أسابيع

وبينما أعلنت الإدارة العسكرية المدنية في مدينة خيرسون المحتلة في جنوب أوكرانيا تشكيل لجان للدفاع الإقليمي من الرجال المتبقين في المدينة، تشير تقديرات الاستخبارات الأميركية، إلى أن الفرصة المثلى للجيش الأوكراني لتحقيق مكاسب ضد القوات الروسية ستستمر لـ 6 أسابيع أخرى تقريبًا، وفق ما كشفت «نيويورك تايمز».

وتكمن أهمية هذه التقييمات بالنسبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أنها تجعله يعتقد أن الوقت في مصلحته، فتركّز قواتها على العمليات الدفاعية للعمل على جعل جبهة الحرب تستقر خلال الأشهر المقبلة، قبل أن تتهيأ الظروف من جديد لشنّ هجمات كبرى.

ولخص موقع ستراتفور، وهو مركز دراسات استراتيجي وأمني أميركي، العوامل التي ستزيد من تعقيد التقدم الأوكراني بعد الإطار الزمني لـ 6 أسابيع في زيادة الطقس الغائم والممطر، مما سيعوق صور الأقمار الاصطناعية وحركة المركبات. وإضافة إلى ذلك، فإنّ تساقط أوراق الشجر هذا الشتاء سيُفقد تجمعات القوات التي كانت تحجبها الأشجار غطاءها الطبيعي، وفضلا عن ذلك سيصل المزيد من الجنود الروس الذين تتم تعبئتهم وتدريبهم حاليًا إلى خط المواجهة في أوكرانيا.