إذا كنت في إحدى الدول المتقدمة التي تحترم الإنسان ومررت بالقرب من أحد المنازل في طريقك إلى مسكنك، واقترب منك كلب ينوي الهجوم عليك فأصابك الذعر لأنك لم تقدر على الفرار وارتفعت عندك نسبة السكر في الدم إلى درجة خطيرة، حينها يحق لك أن ترفع دعوى قضائية ضد الكلب وصاحبه ليتم تعويضك معنوياً ومادياً، حتى إن خرج صاحب الكلب في الوقت المناسب ليعتذر لك عما بدر من كلبه الذي تجاوز حدود سور المنزل، الذي وضع على سوره علامة تحذيرية بوجود كلب.

وفي هذه الدول التي تحترم كل مخلوقات الله وتطبق أخلاق الإسلام حتى إن كانت تدين بأديان أخرى غير الإسلام، وحتى لو لم يعترف بعض مواطنيها بالأديان، هناك تجد في الأماكن العامة كالأسواق والمؤسسات الحكومية والمستشفيات وقد وضعت علامات تحذيرية صفراء على الأرض الرطبة كتب عليها جملة «احذر... الأرض رطبة»، أو «احذر... الأرض زلقة»، حتى لا يقترب منها المارة فينزلقون وقد تنجم عنها إصابات خطيرة أحياناً، وإذا لم تكن هناك علامات تحذيرية على المواقع الرطبة وانزلق أحد المارة وأصيب بإصابات جسدية، حينها يحق للمصاب أن يرفع دعوى قضائية ضد المؤسسة المسؤولة عن هذا المكان المبتل، وغالباً ما يحصل المصابون على تعويضات مليونية بسبب إهمال المؤسسة لأبسط معايير الأمن والسلامة مما تسبب في وقوع الحادث على أرضها. منذ ما يقارب العشر سنوات وكل من عاش على أرض الكويت يعاني أشد المعاناة من تطاير الحصى على الطرق الرئيسة والفرعية بسبب سوء تنفيذ مشاريع الطرق نتيجة تقليل نسبة البيتومين في خلطة الإسفلت، الذي تناثرت مكوناته حتى كثرت الحفر واتسعت فجواتها مما أدى إلى وقوع حوادث مرورية جسيمة أتلفت على إثرها ممتلكات، ونشأ عنها ضحايا أفراد وعائلات كاملة وكأنهم ضحايا زلزال على الطرق الكويتية، ورغم قيام الكويتيين عموماً وضحايا هذه المأساة الكويتية خصوصاً، بتناول ظاهرة الحفر والحصى المتطاير بالتحليل عبر مختلف وسائل الإعلام، وبثوا خلالها مر الشكوى لرئيس الحكومة ووزير الأشغال العامة ومدير عام البلدية والهيئة العامة للطرق والنقل العام، وغيرهم من مسؤولين حكوميين، إلا أننا لم نسمع تصريحا رسمياً واحدا من أي عضو أو مسؤول في أي من هذه الحكومات، وكأن المشكلة لا تعنيهم لا من قريب ولا من بعيد.

Ad

الأغرب من هذا كله أن الحكومة لم تقم بمحاسبة أي من المقاولين المنفذين لهذه الطرق المرعبة، وكأن المشكلة تعانيها دولة أخرى غير الكويت، أو كأن حكومة دولة الكويت غير معنية بهموم من يعيش على هذه الأرض، وقمة الغرابة أن كل الدول، التي تستورد من الكويت البترول الخام أو النفط المكرر على شكل وقود سيارات أو طائرات أو إسفلت، لا تعاني ما نعانيه، فهل تكمن العلة في مقاولي مشاريع الطرق أم في الحكومة نفسها أم في من يريد منتجات إسفلت بمكونات رديئة لتقليل التكلفة ولزيادة أرباحه الملايينية على حساب مصير شعب بأكمله؟ الله العالم، ولا نقول إلا حسبنا الله ونعم الوكيل في حكومة كالحكومات الكويتية المتعاقبة.