من الحلول المطروحة لأزمة عجز الموازنة لم يُطرح حل جذري ناجع، فبعضهم كالنائب عبدالكريم الكندري طرح زيادة المصروفات وبالأخص بند الرواتب والأجور لأنه ليس في المقدور إجراء أي تخفيض على الرواتب كونها حتمية الصرف، وبعضهم كالنائب عبدالله المضف والنائب السابق عبدالوهاب البابطين في محاضرته الأخيرة طرحا فكرة زيادة الإيرادات عبر تصنيع مشتقات النفط وعدم بيعه كمادة خام مما يضاعف سعر برميل النفط، وبعضهم طرح زيادة إيرادات الدولة عبر استثمار أملاك الدولة بإعادة تسعيرها وإنهاء الوضع الراهن القائم على مفهوم منح أراضيها لأشخاص يقدمون لها إيجارات بمئات الفلوس ويؤجرونها بعشرات الدنانير.

في رأينا أن هذا لا يحل عجز الموازنة وقصورها لأن هذه المقترحات توفر مسكنات وقتية في أحسن الأحوال فقط، ولا تتواكب مع حقائق نمو المصروفات التي تفرضها المعادلة المُختلَّة الحالية التي تقوم على عناصر وأسس مشوهة تمثلها الرواتب والدعوم المتضخمة، 80% منها نتيجة قيام الحكومة بإدارة القطاع الإنتاجي من تعليم وصحة وكهرباء وماء وموانئ واتصالات وبريد ومواصلات ومطار... إلخ. إضافة لذلك التوظيف السياسي والترضيات والرشوة التي أصابت قطاع التوظيف بورم البطالة المقنعة البالغة 80%، وثالثة الأثافي إعفاء القطاع الخاص من مسؤولية التوظيف الإلزامي للعمالة الوطنية وتضخيم العمالة الأجنبية ونكوص العمالة الوطنية إلى وظائف حكومية مريحة وبأجور أحيانا تفوق أو تساوي أجور القطاع الخاص!!

Ad

إذاً هنا تكمن الأزمة، وهنا نجد مقترحات النواب والخبراء تروغ عنها تحت رهاب الناخبين الذين ينعمون بوظائف مريحة ذات أجور عالية أو تحت ضغوط التجار الذين يعيشون في فردوس الإعفاء من الضرائب والإعفاء من التوظيف القسري (التكويت) للعمالة الوطنية ودفع أجور عادلة نظير استغلال أملاك الدولة.

لقد وصل بند مصروفات المرتبات والأجور إلى 13 مليار دينار ويزيد كل سنة نصف مليار وفق مخرجات التعليم، مما يعني عجز الدولة بعد سنوات عن توفير وظائف ودفع المرتبات، هذا إذا ضمنا أن أسعار النفط ستستقر، إذ سترتفع الموازنة سنة 2035 إلى 39 مليار دينار، وأقصى ما يتحصل من إيرادات نفطية وغير نفطية يبلغ 19 مليار كما أوردها النائب السابق عبدالوهاب البابطين في محاضرته، فما البرامج والاستعدادات لدى الحكومة لمواجهة هذا المأزق والوضع الكارثي علما أن الفاصل الزمني بيننا وبين عام 2035 عبارة عن 12 سنة؟

الحل في أن تُسابق الحكومة الزمن وتبدأ بتصفية القطاع العام وتبقي فقط على قطاع الأمن والعدل والمالية والشؤون والتجارة بعد ترشيقها وحوكمتها ونفض البطالة المقنعة عنها، هذا جانب والجانب الآخر فرض التكويت لهضم العمالة الفائضة نتيجة البطالة المقنعة بعد الخصخصة، علما أن هناك قطاعات ستتحول إلى مصادر للإيرادات بدل الخسائر كقطاع الكهرباء والماء والبريد والمواصلات والاتصالات والموانئ والمطار وغيرها.

الدولة تقدم 600 دينار كدعم بطالة للموظفين وتقدم الدعوم بصورة نقدية 1000 دينار سنويا بواقع 83 دينارا شهريا لكل مواطن، بند الدعوم سينخفض الى مليار ونصف بعد أن كان أربعة مليارات، وبند الرواتب سينقص إلى 5 مليارات بدل 13 ملياراً إذا أخذنا في الاعتبار رواتب الجهات التي لن تخصخص.

فإذا أضفنا توزيع 25% من صافي أرباح الصناديق السيادية سنويا على المواطنين والتي ستبلغ كأقل تقدير مليارا ونصف المليار فالمواطن سيظل في مستوى مقبول من الرفاهية، فلو كان راتبه في القطاع الخاص 350 ديناراً وله ثلاثة أولاد فإن راتبه سيصل إلى 1614 مع تسلم زوجته 166 كدعم، ونصيبها من صندوق جابر، بالإضافة لتأمين صحي لكل مواطن بألف دينار ودفع رسوم المدارس للمواطنين حسب كل مرحلة وحل الأزمة الإسكانية بباقات دعم إسكاني كالمملكة العربية السعودية ولكن بدعم اقتراض مبلغ 70 ألف دينار لشراء السكن، تدفع الحكومة قيمة إجمالي فوائد القرض فوراً للبنك المُقرِض والمواطن يدفع 70 ألف دينار بالأقساط على فترة تمتد 30 سنة.

هذا جزء من الحل الشامل الذي اقترحناه في مقالاتنا أردنا به أن نعالج خلل الموازنة.